كان العام الماضي على وجد التحديد عامًا مضطربًا لكل ما يخص سوق العملات المشفرة بشكل عام، حيث كافحت العديد من الكيانات اللامركزية والمركزية للحفاظ على موقعها وحتى فشل بعضها في الازدهار في السوق. إلا أن الإمارات العربية المتحدة برزت كقوة إقليمية عظمى على الرغم من كثرة الأحداث التي أثارت المخاوف ورسخت الشك وعدم اليقين (FUD).

فعلى الرغم من أن كلّاً من الإمارات السبع تمتلك خططها الخاصة بالمستقبل، إلا أن جميعها تتشارك الرؤية المبنية على التنويع وتعزيز الابتكار، والتي تتضمن احتضان التقنيات الناشئة مثل البلوكتشين والعملات المشفرة والميتافيرس والعديد من العناصر الأخرى التي تنتمي إلى الويب 3.0

وتدفع دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عجلة تبني تقنيات الويب 3.0 وتطورها، حيث تستخدم هذه الدول سلطتها لتشكيل نظام الويب 3.0 البيئي الخاص بهم وتنظيمه وقيادته، وجذب المواهب العالمية وعمالقة التكنولوجيا لتعزيز الابتكار بالإضافة لتقوية اقتصادها الرقمي.

فعندما يتعلق الموضوع بتبني تقنية البلوكتشين، فإن الإمارات ليست بعيدة عن الدول السباقة في هذا المجال.

وقد علق الدكتور مروان الزرعوني، الرئيس التنفيذي لمركز دبي للبلوكتشين: "لقد اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة باستمرار موقفًا استباقيًا نحو تعزيز نمو التقنيات المبتكرة وتبنيها، بما في ذلك تقنية البلوكتشين"، وأضاف: " لعب [هذا] النهج الاستباقي أيضًا دورًا مهماً في نمو وتطور الاقتصاد الرقمي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، كما أدى إلى تحفيز الابتكار والنمو في قطاع التكنولوجيا المحلي."

وقد أكد الزرعوني أن تبني تقنية البلوكتشين يحقق العديد من الفوائد، مثل زيادة الكفاءة والأمن والشفافية في مختلف الصناعات.

في عام 2018، أطلقت حكومة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية بلوكتشين الإماراتية لعام 2021 للاستفادة من تقنية البلوكتشين وتحويل 50٪ من المعاملات الحكومية إلى منصة البلوكتشين بحلول عام 2021. وفي الوقت نفسه، شهدت دبي إطلاق استراتيجية Dubai Blockchain ومجلس Global Blockchain لاستكشاف ومناقشة التطبيقات الحالية والمستقبلية لتكنولوجيا البلوكتشين.

كما وقد قال الرئيس التنفيذي لمركز دبي بلوكتشين أن اعتماد التكنولوجيا في القطاعات الحكومية والمالية والعقارية آخذ في الازدياد، مستشهداً بنظام البلوكتشين التابع لدائرة الأراضي والأملاك في دبي وتطبيق Dubai Now العائد لـDigital Dubai وتطبيق UAE Pass كمثال.

العملة المشفرة في الإمارات العربية المتحدة

أعلنت الإمارات العربية المتحدة هذا العام أنها تريد وضع نفسها كمركز رئيسي للأصول الافتراضية تحت قيادة دبي وأبو ظبي في تبني العملات المشفرة.

وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي موطن للعديد من الكيانات التي لها مواقف مُتقبلة لعالم العملات الرقمية، وهي سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، ومركز دبي المالي العالمي (DIFC)، ومركز دبي للسلع المتعددة (DMCC)، وهيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA).

ذات صلة: الخبراء يعلنون الإمارات العربية المتحدة عاصمةً للعملات المشفرة بفضل اللوائح التنظيمية بها

ففي أبريل، أصبحت Kraken أول بورصة للعملات المشفرة تحصل على ترخيص للعمل كمزود للخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي . علاوةً على ذلك، حصلت شركات مثل Matrix و SEBA Bank وVenomex، والتي توفر للمستثمرين الأفراد والمؤسسات إمكانية الوصول إلى أسواق العملات المشفرة، على تراخيص مؤمنة من هيئة تنظيم الخدمات المالية (FSRA) في سوق أبوظبي العالمي وأطلقت حملات وطنية وإقليمية.

في الوقت نفسه، في دبي، منحت VARA تراخيص مختلفة إلى بينانس وكريبتو دوت كوم واو كي اكس، من بين منصات أخرى. ووفقًا لمسح أجرته Gemini، تعد الإمارات العربية المتحدة ثالث أكبر دولة في العالم من حيث تبني العملة المشفرة، حيث يمتلك بالفعل 35% من السكان عملات مشفرة. وقد كشفت بيانات من دراسة Forex Suggest أن الإمارات العربية المتحدة هي رابع أكثر الدول استعدادًا لتبني العملات المشفرة، بعد هونج كونج والولايات المتحدة وسويسرا.

الثقة بعالم الميتافيرس والويب 3.0

تمر دولة الإمارات العربية المتحدة بتحول رقمي سريع، يعتقد الخبراء أنه سيعرقل سير قطاعات مختلفة.

ففي يوليو 2022، أطلقت دبي استراتيجيتها بخصوص عالم الميتافيرس لاستكشاف الفرص التي توفرها التكنولوجيا، حيث ستشتمل الإستراتيجية على التعاون في البحث والتطوير (R&D) لتعزيز مساهمات الميتافيرس الاقتصادية. وسوف تستخدم المسرعات والحاضنات لجذب الشركات والمشاريع من الخارج. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الاستراتيجية إلى دعم التعليم الموجه للمطورين ومنشئي المحتوى ومستخدمي المنصات الرقمية في مجتمع الميتافيرس.

وقد صرح ولي عهد دبي، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، أن المبادرة تهدف إلى جذب أكثر من 1,000 شركة متخصصة بمجال البلوكتشين والميتافيرس والترويج لأكثر من 40،000 وظيفة افتراضية بحلول عام 2030.

علاوة على ذلك، سيتم إنشاء نماذج عمل حكومية جديدة لمختلف القطاعات في الدولة، مثل السياحة والتجزئة، في إطار الاستراتيجية.

وتعليقًا على نهج دبي تجاه عالم الميتافيرس، قال صامويل هوبر، الرئيس التنفيذي لشركة “LandVault” المختصة في عالم الميتافيرس والتي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، أن موقف الإمارة هو "مثال رئيسي على سعي [دبي] الدائم إلى الريادة".

"أدركت الحكومة إمكانات عالم الميتافيرس وجعلته أولوية، مما مهد الطريق للشركات التي تستكشف نماذج الأعمال الجديدة المبنية على الويب 3.0. كما أنشأت منظمات وهيئات مختلفة، بما في ذلك وزارة الذكاء الاصطناعي، لضمان ألا تكون جهودهم قصيرة الأجل".

يقر الرئيس التنفيذي لشركة LandVault بأن دبي قد حددت بعض "الأهداف الصارمة"، مشيرًا إلى زيادة قدرها خمسة أضعاف في عدد مشروعات البلوكتشين والميتافيرس في السنوات الخمس المقبلة.

"من خلال تحفيز المؤسسين لجلب شركاتهم إلى المنطقة، أثبتوا أن لديهم دليلًا قويًا للتغلب على مناصبهم القيادية".

والجدير بالذكر أن الإمارات العربية المتحدة برزت كواحدة من أسرع الوجهات لمشاريع الويب 3.0 نمواً، وقد كشف تقرير Crypto Oasis عن هيمنة الدولة على اقتصاد الويب 3.0، حيث تضمنت الدولة أكثر من 1450 منظمة نشطة على الويب 3.0.

من خلال التطورات التكنولوجية المستمرة للدولة واستثمارات البنية التحتية، جنبًا إلى جنب مع التقدم المستمر من قبل شركات البلوكتشين والعملات المشفرة، تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الحفاظ على مكانتها كعاصمة عالمية لـ الويب 3.0.