تخلّت الدنمارك، التي تتولى حاليًا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، عن مقترح كان سيفرض على منصات المراسلة مثل تيليغرام وواتساب وسيغنال تمكين السلطات من فحص الرسائل قبل تشفيرها وإرسالها.
المقترح، المعروف باسم “مراقبة الدردشات” (Chat Control)، طُرح لأول مرة في مايو 2022 بدعوى مكافحة المحتوى غير القانوني المنتشر عبر تطبيقات المراسلة.
وأُعيد طرح نسخة معدّلة منه هذا العام، لكنّ المنتقدين حذّروا من أنّ القانون سيقوّض خصوصية المستخدمين وأمن الاتصالات المشفّرة في أوروبا.
سحب المقترح يعني أن آلية الفحص ستظل طوعية وليست إلزامية.
وقال وزير العدل الدنماركي بيتر هوملغاارد إنّ المقترح “لن يكون جزءًا من مشروع التسوية الجديد الذي ستقدمه رئاسة الاتحاد الأوروبي”، وإنّ الأمر “سيبقى طوعيًا” بالنسبة للشركات التقنية، بحسب ما نقلت صحيفة Politiken في 30 أكتوبر.
الإطار الحالي ينتهي في أبريل 2026
ينتهي العمل بالإطار الطوعي الحالي في أبريل 2026، وأشار هوملغاارد إلى أنّ استمرار الجمود السياسي حول مشروع “مراقبة الدردشات” سيجعل الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى أدوات قانونية للتعامل مع الاستخدامات الإجرامية لتطبيقات المراسلة.
وجاء هذا التراجع لضمان إمكانية صياغة إطار بديل جديد قبل انتهاء المهلة.
قال فريق الشؤون الحكومية العالمية في منصة X يوم السبت إنّ انسحاب الدنمارك يمثل “هزيمة كبيرة لأنصار المراقبة الجماعية”، مؤكدًا أنّ المنصة “ستواصل مراقبة سير المفاوضات ومعارضة أي محاولات لفرض مراقبة حكومية جماعية على المستخدمين”.
وقال باتريك هانسن، مدير الإستراتيجية والسياسات الأوروبية في شركة العملات المستقرة Circle، إنّ القرار يشكّل “انتصارًا كبيرًا للحريات الرقمية في الاتحاد الأوروبي.”
من جانبها، رحّبت منظمة مؤسسة الجبهة الإلكترونية (EFF) بالقرار، معتبرة أنّ الضغط الشعبي لعب دورًا حاسمًا في “دفع مجلس الاتحاد الأوروبي للتراجع عن خطته الخطيرة لمراقبة الرسائل المشفّرة.”
دعوات إلى التخلي عن المراقبة الجماعية
قال ثورين كلوسوفسكي، الناشط في مجال الخصوصية والأمن الرقمي في EFF، في مدونة نُشرت الجمعة، إن على المشرعين التوقف عن محاولة الالتفاف على التشفير باسم السلامة العامة.
وأضاف أنّ عليهم التركيز على “تطوير حلول حقيقية لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.”
وتابع:
“طالما يواصل المشرعون إساءة فهم طريقة عمل تقنيات التشفير، فلن يكون هناك أي طريق للمضي قدمًا بمقترحات فحص الرسائل، لا في الاتحاد الأوروبي ولا في أي مكان آخر.”
واختتم بالقول:
“هذا النوع من المراقبة ليس مجرد تجاوز للسلطة، بل هو هجوم على الحقوق الإنسانية الأساسية. على رئاسات الاتحاد الأوروبي المقبلة أن تتخلى عن هذه المحاولات، وأن تعمل بدلًا من ذلك على حماية خصوصية وأمن الأفراد.”
ومن المقرر أن تتولى إيرلندا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في يوليو 2026 بعد انتهاء فترة الدنمارك.