في مُحاولةٍ للخروجِ عن الأُطر التنظيمية الموضوعة مُسبقاً من قبل الاتحاد الأوروبي في ما يخص تنظيم الذكاء الاصطناعي، أعلنت مؤخراً رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) أنها تميل نحو تبني نهجاً أكثر تركيزاً على الأعمال عندما يتعلق الأمر بتنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت رويترز عن مسودة سرية صادرة عن رابطة (ASEAN) المُكونة من 10 دول، بعنوان "دليل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وحوكمته".
على الرغم من أن محتويات هذه المسودة لم يُعلن عنها من قبل، إلا أن عمالقة التكنولوجيا مثل "ميتا" و"آي بي إم" و" جوجل" قد بدأو بدراستها بالفعل، ومن المقرر أن يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها بحلول يناير 2024 خلال اجتماع الوزراء الرقميين لدول الرابطة.
في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، قام ممثلو الاتحاد الأوروبي بجولاتٍ في جميع أنحاء آسيا، في محاولةٍ منهم لنشر نموذجهم التنظيمي للذكاء الاصطناعي بين شركات التكنولوجيا، والذي نص بشكلٍ أساسيّ على الكشف عن المحتوى المحمي بحقوق النشر والطباعة والذي تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وهنا تكمُن نقطة الاختلاف، إذ أن المسودة الجديدة الصادرة عن رابطة دول جنوب شرق آسيا تحثّ الشركات على احترام الاختلافات الثقافية الوطنية دون إلقاء الضوء على ماهية المخاطر غير المقبولة للذكاء الاصطناعي.
تجدر الإشارة إلى أن إرشادات (ASEAN) عادةً ما تكون استشارية، وتسعى لتوجيه القوانين المحلية بدلاً من فرض قوانين جديد، ويعود ذلك إلى الغنى الثقافي التي تتسم به دول جنوب شرق آسيا، حيث تضم أكثر من ألف عرق وثقافة موزعين على ما يقرب من 700 مليون شخص.
وبالنظر إلى إيجابيات المسودة وسلبياتها، فإن الدليل الجديد يُشجع الحكومات على تعزيز الأعمال التجارية من خلال تمويل البحث والتطوير، كما يقترح تنصيب وزراء رقميين لرابطة دول جنوب شرق آسيا للإشراف على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي في تلك البلدان.
وبعد التأكيد على أهمية التدريب الشامل على إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي والحوكمة، يتيح الدليل للشركات والسُلطات المحلية إمكانية اتخاذ القرارات بشأن التفاصيل الاضافية.
وإضافةً إلى ذلك، يتناول الدليل أيضاً المخاوف المُتعلقة بإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك نشر المعلومات المضللة من خلال تقنية التزييف العميق، إلا أنه يُعطي البلدان حرية الاختيار فيما يتعلق بطريقة الاستجابة.
وفي هذا السياق، أعرب كبار المسؤولين في ثلاث دول من رابطة (ASEAN) عن تفاؤلهم حيال التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي على المنطقة، مشيرين إلى أن الاتحاد الأوروبي حاول فرض لوائح صارمة على البلدان دون الفهم الكامل لإيجابيات وسلبيات هذه التكنولوجيا.
كما صرّح قادة صناعة التكنولوجيا أن نهج (ASEAN) المرن يُبسط الامتثال للقوانين ويمهد الطريق للابتكار، وهو تماماً ما تحتاجه المنطقة، حيث أعرب ستيفن برايم، نائب رئيس الشؤون الحكومية في آسيا لدى شركة "آي بي إم"، عن رضاه عن دليل (ASEAN)، وسلّط الضوء على مواءمته مع مخططات الذكاء الاصطناعي البارزة الأخرى، بما في ذلك "إطار إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي" الصادر عن المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا التابع لوزارة التجارة الأمريكية.
تجدُر الإشارة إلى أنه بالرغم من أن رابطة (ASEAN) ليس لديها سلطة تشريعية، إلا أن سعيها للسماح للدول الأعضاء بصياغة سياساتها الخاصة يتناقض بشكلٍ حاد مع نهج الاتحاد الأوروبي، الذي نجح سابقاً في وضع معايير حماية البيانات على مستوى العالم.
ومن جانبه أوضح مُتحدث باسم المفوضية الأوروبية موقف المفوضية لرويترز، مشيراً إلى أن هدف الاتحاد الأوروبي هو وضع مبادئ مشتركة، وليس بالضرورة لوائح متطابقة، مع الاعتراف بأهمية الفروق الثقافية بين البلدان.
مقالات ذات صلة: الإمارات العربية المُتحدة تُعلن عن استراتيجيتها الشاملة للحوكمة في الميتافيرس