أصبح قطاع العملات المشفرة غير المنظم في كينيا أرضاً خصبة لأنشطة الاحتيال وعمليات غسل الأموال الضخمة، وقد سمحت الثغرات القانونية في البلاد لهذه الأنشطة غير المشروعة بالانتشار، وتسببت بخسارة البلاد ومواطنيه لملايين الدولارات سنوياً.
وبالرغم من محاولةِ قانون المالية لعام 2023 فرض الضرائب على الأصول الرقمية، إلا أن الغموض ما زال يحيط بالعملات المُشفرة في البلاد، حيث أن البند 40 من دستور البلاد يسمح للمواطنين بامتلاك الأصول والممتلكات على اختلافها، دون إعطاء أي أهمية لمرونة وعالمية العملات المشفرة.
ولهذا السبب، تواجه المؤسسات المالية والبنوك وشركات التأمين الكينية العديد من المخاطر عند دخولها إلى هذا القطاع الاقتصادي الجديد.
وقد أفادت شركة التحليللات "Chainalysis"، في تقريرٍ لها، أن الجهات الفاعلة السيئة في جميع أنحاء العالم قد تمكنت من غسل مبلغٍ قدرهٌ 23.8 مليار دولار تقريباً في عام 2022، أي ما يعادل تقريباً ميزانية كينيا للسنة المالية 2023/2024.
ووفقاً للتقرير الذي نشرته وسائل الإعلام المحلية، فقد كشفت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الإعلام والاتصالات عن سرقة المحتالين لمبالغ تُقدر بـ 93 مليون دولار من الكينيين، تحت ستار شراء العملات المشفرة.
وقد استشهد التقرير بالعديد من حالات الاحتيال، وأهمها حالة "Esther Muthoni" المأساوية، حيث خسرت "موثوني" مبلغاً قدره 255,988 دولاراً، في عملية احتيال نظمتها شركة Velox 10 Global العائدة للمواطن البرازيلي "Ricardo Rocha". تُسلط قضية موثوني الضوء على مئات الكينيين الذين تعرضوا للاحتيال من خلال عملياتٍ تتعلق بالعملات المشفرة، وتُركوا مدمرين مالياً وغير قادرين على اللجوء إلى القضاء.
Data from Kenya's ICT Ministry shows that in 2022, crypto fraudsters made $93M (KES 13.2B) from Kenyans who thought they were purchasing cryptocurrencies:
— Mwango Capital (@MwangoCapital) July 25, 2023
[@NationAfrica] pic.twitter.com/HEjjw5kpyE
وبالإضافة إلى ما سبق، سلطت وكالة استرداد الأصول (ARA) الضوء على فعالية العملات المشفرة كأداةٍ لغسل الأموال بعدما استخدُمت في عددْ من القضايا المرفوعة على مدى السنوات الثلاث الماضية. ففي مايو 2023، صادرت الوكالة مبلغاً قدره 768,959 دولاراً من طالبةٍ جامعيّة إفريقية، بعد أن تلقته الطالبة من تاجر عملاتٍ مشفرة بلجيكي، مُدعيةً أنه صديقها.
تلقي هذه الأمثلة الضوء على المشكلة المٌنتشرة التي يعاني منها قطاع العملات المشفرة في كينيا، والتي تسبب بها غموض اللوائح التنظيمية الخاصة بالعملات المُشفرة، وعدم وجود عمليات التوثيق التي تُعرف باسم "اعرف عميلك" (KYC) في المنصات المحلية.
كما أشار التقرير إلى أن قدرة العملات المشفرة على تجاوز التعقيدات التي تضعها البنوك في وجه التدفقات المفاجئة والكبيرة من الأموال، لعبت دوراً هاماً في جذب المحتالين والجهات الفاعلة السيئة إليها.
مقالات ذات صلة: “Mara” تُطلق شبكتها الاختبارية وتتيح للمطورين الأفارقة إمكانية اختبار تطبيقاتهم اللامركزية عليها
على الرغم من رفض البنك المركزي الكيني تسهيل تداول العملات المشفرة على مرّ السنين الماضية، إلا أنه قد أظهر مؤخراً اهتماماً بإصدار عملةٍ رقميةٍ خاصةْ به.
ففي ديسمبر من عام 2022، شكل البنك الكيني المركزي، جنباً إلى جنب مع الجهات التنظيمية الآخرة، لجنةً معنيةً بوضع اللوائح التنظيمية الخاصة بتجارة العملات المشفرة، واعترف بالحاجة الملحة لتنظيم هذا القطاع.
كما أكدت هيئة الإيرادات الكينية (KRA) مؤخراً أن بورصات العملات المشفرة ستكون خاضعة للضريبة إذا ما تمت الموافقة على قانون التمويل المثير للجدل لعام 2023، والذي يسمح لهيئة الإيرادات الكينية بجمع (3%) من الإيرادات المكتسبة من الأصول الرقمية.