حثّ تحالف الخصوصية العالمي الحكومة الأيرلندية على التخلي عن العمل على مشروع قانون أولي يمنح سلطات إنفاذ القانون حق الوصول إلى الرسائل المشفّرة.
كتب رايان بولك، أحد أعضاء التحالف العالمي للتشفير (GEC) وهو منظمة تدافع عن التشفير حول العالم رسالة مفتوحة يوم الخميس حذّر فيها من أن مشروع القانون المقترح من وزير العدل جيم أوكالاهان قد يؤدي إلى زيادة الجرائم الإلكترونية ويُثني الشركات العالمية عن الاستثمار في أيرلندا.
وقال بولك في الرسالة:
“أي دولة تُضعف التشفير تُعرّض خصوصية وأمن الناس للخطر، ليس فقط داخل حدودها، بل في جميع أنحاء العالم. ولكن أيرلندا، باعتبارها مقرّ الاتحاد الأوروبي لعمالقة التكنولوجيا مثل آبل (Apple) وميتا (Meta)، تتحمل مسؤولية خاصة في هذا الصدد.”
وبحسب بولك، لا يزال مشروع قانون الاتصالات والاعتراض والوصول القانوني قيد التحضير ولم يُصغ بعد بشكل رسمي، إلا أنه من المتوقع أن يبدأ العمل عليه خلال الأشهر المقبلة. ودعا التحالف العالمي للتشفير إلى وقف العمل على القانون بشكل كامل قبل بلوغه مرحلة الصياغة.
تأتي رسالة التحالف بعد أيام قليلة من انتكاسة كبيرة لمشروع قانون أوروبي منفصل يُعرف باسم "Chat Control"، والذي يهدف إلى منح السلطات صلاحية فحص الرسائل قبل تشفيرها.
وقد واجه المشروع معارضة حادة من ألمانيا، ما وجّه له ضربة سياسية كبيرة.
كما دعا التحالف الحكومة الأيرلندية إلى سحب دعمها لمقترح "Chat Control" الأوروبي، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بـ انتهاك الخصوصية وتهديد الأمن القومي.
نهاية التشفير تهديد للأمن القومي
حذّر بولك من أن إضعاف التشفير سيجعل الأفراد والشركات أكثر عرضة للجرائم الإلكترونية، مثل الاحتيال وسرقة الهوية، موضحاً أن الاعتقاد بإمكانية إضعاف التشفير “لصالح الجهات الجيدة فقط” هو سوء فهم خطير، لأن نفس الثغرات ستكون متاحة أيضاً للمجرمين.
وأشار إلى أن أي إضعاف متعمد للتشفير سيجعل البيانات الحساسة أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية الأجنبية، مما قد يعرّض الأمن القومي الأيرلندي للخطر.
وقال بولك:
“التشفير ميزة أمنية أساسية، وأي محاولة متعمدة لإضعافه أو التحايل عليه ستخلق ثغرات منهجية تهدد الجميع وتضع الأمن القومي الأيرلندي في خطر.”
تجدر الإشارة إلى أن أيرلندا تُعد موطناً لكبرى شركات التكنولوجيا في العالم، بفضل موقعها الجغرافي الذي يسهل الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، إضافة إلى معدلات الضرائب المنخفضة على الشركات.
وأضاف بولك أن المنصات التي تعتمد التشفير الكامل من طرف إلى طرف ستجد نفسها أمام خيار مستحيل إذا أصبح القانون نافذاً:
“إما أن تُضعف أمان خدماتها لتتوافق مع القانون، أو أن تنسحب من السوق الأيرلندية تماماً.”
واستطرد قائلاً:
“في كلتا الحالتين، ستكون النتيجة أمناً أضعف وخصوصية أقل للمواطنين والشركات والمؤسسات الأيرلندية، بما في ذلك الوزراء والحكومة والشرطة (الغارداي) الذين يعتمدون على التشفير للحفاظ على الثقة في العالم الرقمي.”
مشروع "مراقبة الدردشة" الأوروبي.. نفس المشكلة بثوب مختلف
إلى جانب رفض القانون المحلي، دعا التحالف الحكومة الأيرلندية إلى سحب دعمها لمشروع قانون الاتحاد الأوروبي “Chat Control”، الذي يلزم خدمات المراسلة بفحص الرسائل قبل تشفيرها وإرسالها.
وقد أعلن زعيم أكبر حزب سياسي في ألمانيا مؤخراً معارضته الصريحة للمشروع، مما وضعه في مأزق سياسي كبير.
ورغم ذلك، قال التحالف إن أيرلندا يمكن أن تلعب دوراً محورياً في صياغة مستقبل المقترح الأوروبي عندما تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في يوليو 2026.
وحذّر التحالف قائلاً:
“من الضروري ألا تستهين الحكومة بالعواقب الخطيرة لإضعاف التشفير كما يظهر في مشروعها المحلي الحالي لأن خصوصية وأمن جميع المواطنين الأوروبيين، بل والعالم بأسره، ستكون على المحك.”