التمويل اللامركزي يستقطب المزيد من المستثمرين المؤسساتيين والأفراد بالرغم من التحديات الجيوسياسية: استطلاع رأي

كشف تقرير "مستقبل التمويل 2023" الصادر عن بنك سيجنوم، والذي يُعد دراسة دقيقة مكرّسة لفهم ديناميكيات سوق العملات المشفرة المتطورة، عن تغيراتٍ كبيرة في توجهات المستثمرين المؤسساتيين والأفراد نحو قطاعي التمويل التقليدي واللامركزي، إذ أشار التقرير إلى زيادة ثقة روّاد عالم التمويل التقليدي بالأصول المشفرة والتكنولوجيا التي بُنيت عليها.

أجرى بنك "سيجنوم" استطلاعاً في بداية الربع الرابع من عام 2023، مُستهدفاً قاعدة عملاءه المؤسساتيين والمستثمرين، التي تضمنت أكثر من 150 مستثمراً، كلٌّ منهم يمتلك خبرة استثمارية تزيد عن 10 سنوات، لمعرفة توجهاتهم وآرائهم حيال التمويل التقليدي والبديل المُستقبلي له، تكنولوجيا البلوكتشين والأصول المُشفرة.

واعتمدت منهجية التقرير على استطلاع رأيٍ كمّي مُقسم إلى خمسة مجالات رئيسية، بما في ذلك تخصيص أصول العملات المشفرة واستراتيجية الاستثمار، إلى جانب الاهتمام بالمنتجات والخدمات وتوقّعات السوق.

بالرغم من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية السائدة، كشف التقرير عن توقعاتٍ مُتفائلة للمدى المتوسط والطويل لسوق العملات المشفرة بين المستثمرين التقليديين، ووفقاً للتقرير، فإن هذا التفاؤل ليس مجرد شعور عابر، بل يستند إلى اعتقاد راسخ بأن الأصول المشفرة وتكنولوجيا البلوكتشين ستكون حاسمة في إعادة تشكيل المشهد المالي العالمي.

شارك في الاستطلاع مجموعة متنوعة من خبراء التمويل التقليدي، الذين عملوا في البنوك وشركات إدارة الأصول، بالإضافة إلى صناديق التحوط، ومكاتب العائلات،. وبشكلٍ لافت، أظهر 60% من هؤلاء المشاركين رغبة عالية بالمخاطرة ودخول عالم الأصول المشفرة، بينما قال 11% أنهم يميلون إلى أخذ الحيطة والابتعاد عن الأسواق عالية المخاطرة.

تُظهر الصورة أعلاه آراء المستجيبين حول الأسواق عالية المخاطرة. المصدر

وأشار التقرير إلى أن 87% من المستثمرين قد استثمروا أموالهم في توكنات بروتوكولات البلوكتشين المعروفة، مثل البيتكوين والإيثريوم وسولانا. ويُبرز هذا التفضيل الثقة في أصول العملات المشفرة المستقرة والمعروفة، وفقاً للتقرير.

وبالإضافة إلى ذلك، أشار 36% من المشاركين إلى أنهم يفضلون العملات المستقرة لاستقرارها وفائدتها في عمليات السوق.

توّضح الصورة أعلاه توجهات المستثمرين في قطاع الكريبتو. المصدر

تعتبر الدوافع الرئيسية للاستثمار في العملات المشفرة مثيرة للاهتمام، إذ يسعى 66% من المشاركين للاستفادة من الإمكانات طويلة الأمد العملات المشفرة، بينما ذكر 46% التنويع كعامل رئيسي للاستثمار.

ويشير هذا التوجّه إلى القبول المؤسساتي المتزايد للأصول المُشفرة، والرغبة المتنامية بدمج المحافظ التقليدية مع محافظ العملات المشفرة.

كما سلط التقرير الضوء أيضاً على الاختلافات في تفضيلات المنتجات بين المستثمرين المؤسساتيين والأفراد ذوي الثروات العالية، وتبيّن أن المؤسسات تميل نحو المنتجات المُنظمة والمُدارة بشكل احترافي، بما في ذلك الصناديق المُشتركة وصناديق المؤشرات المتداولة (ُETFs)، بينما أظهر الأفراد ذوو الثروات العالية اهتماماً أقل بهذه الأدوات.

تُوضّح الصورة أعلاه الفروقات بين المستثمرين المؤسساتيين والأفراد ذوي الثروات العالية. المصدر

الحواجز أمام الاستثمار في أصول العملات المشفرة: التنظيم ومخاوف الأمان

بالرغم من الزخم الذي يُحيط بالقطاع الجديد وحماس المستثمرين تجاه استكشافه، إلا أن عدم الوضوح التنظيمي يُمثّل عائقاً كبيراً أمام الاستثمار في العملات المشفرة، حيث أعرب ما يقرب من نصف المشاركين عن مخاوفهم بشأن الثقة والأمان، مما يبرز الحاجة إلى وضع إطارات تنظيمية أكثر رسوخاً وشفافية، وخاصةً في أعقاب انهيارات كيانات التمويل المركزي البارزة.

ومن المثير للاهتمام أن الاستطلاع أشار إلى تفضيل المستجيبين لتقنية البلوكتشين على الأصول المشفرة، وربما يعود ذلك إلى الكفاءة التشغيلية والمزايا التي تقدمها التكنولوجيا. ومع ذلك، لا يُقلّل هذا من أهمية أصول العملات المشفرة، حيث اعترف الأغلبية بقيمتها كملاذ آمن ضد التقلبات الاقتصادية.

تحوّل مُنتظر في عالم المال

يُظهر تقرير "سيجنوم" بوضوح زيادة الثقة في العملات المشفرة وتكنولوجيا البلوكتشين كمكونات أساسية لمستقبل التمويل. ويمثل هذا التحول في العقلية، خاصةًّ بين المؤسسات التقليدية، تبايناً حاداً مع التشكك السائد قبل بضع سنوات فقط.

ومع استمرار ارتفاع سوق العملات المشفرة، يتوقع التقرير زيادة أخرى في تخصيصات العملات المشفرة من قبل المستثمرين في الربع الأول من عام 2024. ويشير هذا التوجه، المتوافق مع إمكانات النمو طويلة الأمد للسوق، إلى عصرٍ جديد في العالم المالي، حيث لا تعتبر العملات المشفرة مجرد بديل بل خيار استثماري رئيسي.