لطالما واجهت شركات الكريبتو على مدار سنوات إغلاق حساباتها ورفض تقديم الخدمات المصرفية لها تحت مسمى "تقليل المخاطر" (De-risking). ويعتقد كثيرون في صناعة الكريبتو أن هذه السياسة تمثل جهدًا ممنهجًا مدفوعًا من الجهات الرسمية لقمع الأصول الرقمية، فيما يُعرف بـ"عملية تضييق الخناق 2.0" (Operation Chokepoint 2.0).
بعد فوز فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيد للكريبتو في انتخابات 2024، اعتقد كثيرون أن عصر التضييق المصرفي على هذه الشركات قد انتهى. فقد أعطت خطاباته الانتخابية وخطواته السياسية المبكرة إشارات إلى بيئة أكثر انفتاحًا تجاه الأصول الرقمية، ما دفع البعض لتوقع تخفيف القيود التي تفرضها البنوك على عملاء الكريبتو.
لكن أحداثًا حديثة تشير إلى أن هذه الممارسات ما زالت مترسخة. ففي الأسبوع الماضي، حذّر أليكس رامبيل، الشريك في Andreessen Horowitz، من أن البنوك الكبرى تضغط على تطبيقات التكنولوجيا المالية والكريبتو في ما وصفه بـ"عملية تضييق الخناق 3.0" (Operation Chokepoint 3.0)، من خلال رفع رسوم الوصول إلى بيانات الحساب أو تحويل الأموال إلى منصات مثل Coinbase وRobinhood.
وفي سياق مماثل، قال أليكس كونانيخين، الرئيس التنفيذي لشركة Unicoin، لـCointelegraph إن البنوك الأمريكية ما تزال تغلق حسابات شركات الكريبتو من دون مبرر، رغم الضغوط السياسية المتزايدة لإنهاء هذه الممارسات.
وأضاف: "نحن نعرف ذلك عن قرب، فقد تم حرمان Unicoin وفروعها من الخدمات المصرفية، من دون تفسيرات، من قِبل عدة بنوك". وذكر خمسة بنوك قطعت علاقاتها مع شركته أو فروعها على مدى السنوات الماضية: Citibank وChase وWells Fargo وCity National Bank of Florida وTD Bank.
ورفض متحدث باسم Chase التعليق على حالة بعينها، مكتفيًا بالقول: "نرحب بتوجه إدارة ترامب نحو إزالة العوائق التنظيمية غير الضرورية وتحديث أنظمة مكافحة غسل الأموال". وقد تواصلت Cointelegraph مع جميع هذه البنوك للحصول على تعليق.
عملية تضييق الخناق 3.0
قال كونانيخين إن شركته فقدت خدمات أربعة بنوك هذا العام وحده، وهو ما "يشير إلى أن عملية تضييق الخناق عملية واسعة النطاق على مستوى البلاد".
وأضاف أن Unicoin، وهي شركة عامة لديها ست سنوات من البيانات المالية المدققة وأكثر من 4,000 مساهم، تواجه بيئة "شديدة الاضطراب والضرر" تحرم شركات الكريبتو في الولايات المتحدة من الخدمات المالية الأساسية و"تكبح صناعة الكريبتو الأمريكية".
وذكرت وكالة بلومبرغ يوم الخميس أن الرئيس ترامب سيوقّع أمرًا تنفيذيًا يوجّه المنظمين الفيدراليين للبنوك إلى تحديد ومعاقبة المؤسسات المالية التي مارست التضييق المصرفي. وسيتطلب الأمر أيضًا مراجعة شكاوى العملاء، فيما سيُلزم البنوك الخاضعة لإشراف إدارة الأعمال الصغيرة بإعادة العملاء الذين حُرموا من الخدمات بشكل غير قانوني.
وعبّر كونانيخين عن أمله في أن يسهم الأمر التنفيذي المقترح في إنهاء هذه الممارسات، مضيفًا: "الرئيس يعرف ألم التضييق المصرفي عن قرب، ويبدو مصممًا على إنهاء هذا النوع من الحرب الاقتصادية ضد الشركات الأمريكية".
وأشار إلى أن إنهاء التضييق قد يساعد صناعة الكريبتو الأمريكية على استعادة ريادتها عالميًا، قائلًا: "إنهاء الحرب على الكريبتو سيعزز هذه الصناعة في أمريكا، وقد يصبح تأثيرها عالميًا مثل تأثير هوليوود في الترفيه أو وادي السيليكون في تكنولوجيا المعلومات".
الإصلاحات مرهونة بصياغة القوانين النهائية
من جانبها، قالت إليزابيث بليكلي، الشريكة في قسم الضرائب والمنازعات القانونية بشركة Fox Rothschild، إن توجيهات ترامب للوكالات والكونغرس بدراسة كيفية دمج الكريبتو في النظام المالي التقليدي لن تُحدث تغييرًا ملموسًا إلا إذا كانت صياغة اللوائح والقوانين النهائية واضحة وفعالة.
وأشارت إلى "قانون Genius" الذي تم توقيعه مؤخرًا، والذي يمنح لجنة مراجعة شهادات العملات المستقرة التابعة للاحتياطي الفيدرالي 180 يومًا لتصميم إطار تنظيمي. لكنها حذّرت من أن معظم مشاريع القوانين في الكونغرس لا تتجاوز مرحلة اللجنة، وأن أي تشريع نهائي سيواجه على الأرجح طعونًا قضائية من كلا طرفي الجدل التنظيمي.
وأضافت: "قد يمتثل أي تنظيم شكليًا لتوجيهات الرئيس أو لأي قانون مُقر، لكنه يظل عديم التطبيق العملي أو يؤثر بشكل غير متناسب بسبب اختيار الكلمات".
وختمت بقولها إنه حتى ذلك الحين، ستستمر البنوك على الأرجح في اتباع نهج متحفظ تجاه الكريبتو ما لم توضح القوانين الجديدة كيفية تقليل المخاطر، مؤكدة: "الأمر كله يتعلق بجعل الكيانات والأشخاص المحافظين على المخاطر يشعرون بأن الكريبتو أقل خطورة".