بينما تكثف الولايات المتحدة جهودها الرامية إلى فرضِ عقوباتٍ اقتصاديةٍ جديدةٍ على البلدان التي لا تمشي وفقاً لقوانينها، تفكر دول "البريكس" في استراتيجيةٍ بديلةٍ لمواجهة هذا التهديد المُتزايد. حيث تستكشف دول البريكس إمكانيةَ إطلاق عملةٍ جديدة بغرض كسر هيمنة الدولار الأمريكي في قطاع التجارة العالمية.
فمؤخراً، أعلنت دول البريكس، والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، عن عزمها على استكشاف إمكانية إنشاء عملتها الخاصة لتجاوز القيود التي تفرضها هيمنة الدولار الأميركي. وقد أعربت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، عن دعمها للمشروع، إذ أنها تؤمن بأن الانفصال عن الدولار الأمريكي قد يُساعد في دعم وتطوير الدول الأُخرى.
ودعماً لهذا المشروع، ألقى البروفيسور Alexis Habiyaremye من جامعة جوهانسبرغ الضوء على الخلفية التاريخية للدولار، خلال حديثة مع سبوتنيك، وأشار إلى أن الدولار الأمريكي يتمتع "بميزة غير مُتكافئة" في النظام النقدي الدولي المُعتمد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كما صرح أن "الامتياز الباهظ" للدولار الأمريكي يدفع بالدول الأخرى إلى تمويل العجز الأمريكي، حيث قال:
"يضمنُ هذا الامتياز الباهظ تمويل البلدان الأخرى لعجز الولايات المتحدة، إذ يُمكن للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن يطبع النقود ببساطة، في حين يتوجب على البلدان الأخرى إنتاج السلع وتقديم الخدمات للوصول إلى الدولار." وأضاف: "إن إدخالَ عملة جديدة إلى الساحة واستخدامها بشكلٍ فعال ومنهجي واعتمادها في جميع المعاملات التجارية بين دول البريكس، من شأنهِ أن يخفف العبء الواقع على كاهل الدول، والذي يدفعُها لتمويل "الامتياز الباهظ" الذي يتمتع به الدولار."
وأضاف:
"بالنظر إلى الحصانة ما وراء الإقليمية التي يتمتع بها القانون الأمريكي في البُلدان التي تعتمد على الدولار الأمريكي، فإن استخدام عملة مُختلفة سيمكّن هذه البُلدان من تجنب فرض الولايات المتحدة الأمريكية لقوانينها التعسفية على أراضيها."
وبالإضافة إلى ذلك، سلط البروفيسور هابياريمي الضوء على القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دول البريكس، والتي تفوق بالفعل دول مجموعة السبع من حيث القوة الشرائية. فقد ساهمت دول البريكس ومجموعة السبع بنسبة 31.5 ٪ و 30 ٪، على التوالي، في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، اعتباراً من عام 2022، مما يجعل من عملة البريكس عملةً عالميةً مُحتملة إذا التزم الأعضاء بدعم وتعزيز التجارة فيما بينهم.
ومع ذلك، حذر هابياريمي من أن عملة البريكس ستبقى مفهوماً مُجرداً فقط ما لم تعمل دول البريكس بشكلٍ فعلي على التقليل من أهمية دور الولايات المتحدة و حلفائها الماليين في تجارتها.
ووفقاً لهابياريمي، فإن النية وحدها لا تكفي، إذ أن إنشاء عملة جديدة يعتمد في المقام الأول على التزام دول البريكس بالقرار السياسي، وتعزيز التدفقات التجارية ما بين الدول المعنية بهدف رفع الأهمية الاقتصادية للعملة، حيث قال:
"لن تكون الرغبة في الانفصال عن الدولار كافية طالما بقيت التدفقات التجارية بين أعضاء البريكس، أو حلفائهم المباشرين، غيرَ كافية لدعم العملة الجديدة."
مقالات ذات صلة: تقرير: بنك "البريكس" يدرس اقتراح انضمام المملكة العربية السعودية
فعلى الرغم من استكشاف مجموعة البريكس إمكانية طرح العملة البديلة الجديدة، وسعيها الجاد إلى استقطاب شركاءٍ جدد لدعم العملة المُحتملة، إلا أن التكتل الاقتصادي لم يُحدد ماهية العملة الجديدة بعد.
فمن الممكن أن تحل البيتكوين محل الدولار الأمريكي وفقاً لتصريحات المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة International Blockchain Consulting (IBC)، إذا فقدت الأخيرة هيمنتها مع ابتعاد المزيد من البلدان عن الأصول الاحتياطية العالمية الحالية.
وفي السياق نفسه، جادل ماريو نوفل بأن العملات التي تُعد من القوى الاقتصادية المؤثرة الأُخرى، مثل اليوان واليورو، لا يمكن أن تكون عملات احتياطية في الوقت الحالي، ومن الممكن أن تلعب البيتكوين دوراً مهماً أثناء البحث عن عملةٍ بديلة.
حيث اسشتهد نوفل بانهيار بنك وادي السيليكون، من بين العديد من المؤسسات المالية الأخرى، ليؤكد على أن البيتكوين لديها القدرة على الانفصال عن بقية العملات المشفرة وحتى عن الاقتصاد التقليدي. فبحسب رأيه، لم تعد البيتكوين أصلا محفوفاً بالمخاطر، وأصبحت ملاذاً آمناً بالنسبة للعديد من الناس."