هذا لأنه بالنسبة لدائرة الإيرادات الداخلية، يتعامل معظم الناس مع العملات المشفرة على أنها استثمارات. وعلى هذا النحو، فإنَّهم مدينون بضريبة العملات المشفَّرة سواء كانوا ينفقونها أو يبيعونها ما دام استثمارهم الأوليُّ يحققُ ربحاً.

ومع ذلك، تختلف قوانين ضريبة العملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ لدى بعض البلدان لوائح تنظيمية جديدة، وبعضُها يحظر الأصول الرقمية تماماً.

لفهم كيفية تنفيذ بعض الدول العربية لفرض الضرائب على العملات المشفرة، ألقوا نظرة على أسرع ستة متبنِّين للعملات المشفرة في المنطقة بناءً على التقرير الصادر في أكتوبر 2022 عن شركة بيانات البلوكتشين (Chainalysis).

فرض الضرائب على العملات المشفرة في أكبر المتبنِّين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لبنان

بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان التي أدت إلى إغلاق البنوك في سبتمبر 2022، لجأت الدولة الشرقُ أوسطية إلى العملات المشفرة للخلاص. في ذلك الوقت، جرى تبادل العملات المشفرة عبر صفقات النظير إلى النظير (P2P)، حيث استخدم عشَّاق العملات المشفرة منصات العملات المشفرة وقنوات التواصل الاجتماعي، مثل "تيليغرام" و"واتساب"، التي تطابق المشترين والبائعين لتداول الأصول الرقمية.

في حين أنَّ القوانين اللبنانية لا تحظر ملكية العملات المشفرة واستخدامها وتداولها، فإنَّ قبولها كمدفوعات يعدُّ أمراً غير قانوني.

وفقاً لموقع الجيش اللبناني، فإنَّ مستخدمي العملات المشفرة ومنصات التداول يعدُّون دافعي ضرائب محتملين، "وبالتالي تستثارُ القضايا الأساسية المتعلقة بالقانون العام". على هذا النحو، سيأتي قانون ضريبة العملات المشفرة المحدَّد بمجرَّد إصدار إرشادات واضحة للأصول المشفرة.

المملكة العربية السعودية

في عام 2018، حذَّر البنك المركزي السعودي (SAMA) من تداول العملات الافتراضية بسبب "عواقبها السلبية والمخاطر العالية على المتداولين لأنها تعدُّ خارج الإشراف الحكومي". في ذلك الوقت، لم تُتبنَّى العملات المشفرة مثل البيتكوين (BTC) كعملات رسمية، ولم يُسمح لأي أطراف بإجراء أيِّ أنشطة عملات مشفرة في المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، بدا أنَّ المملكة العربية السعودية تغيُّر نهجَها تجاه الأصول الرقمية عندما عيَّن بنكُها المركزيُّ رئيساً جديداً للعمل على العملات المشفرة والعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDCs).

على غرار تركيا ولبنان، فإنَّ غياب إطارٍ تنظيميٌّ واضح يجعل ضرائب العملات المشفرة غير موجودة، ففي حين أنَّ الناس أحرارٌ في تداول الأصول الرقمية، لا توجد لوائح تنظيمية للحفاظ على أمان أموالهم.

مقالات ذات صلة: هونغ كونغ والمملكة العربية السعودية تتعاونان في مجال التوكنات والمدفوعات

مصر

أصدر المستشار الإسلامي المصري، "دار الإفتاء"، مرسوماً دينياً يصنِّف جميعَ المعاملات التجارية بالعملات المشفرة على أنَّها محظورة بموجب الشريعة الإسلامية.

ولكن في مايو 2019، رُفع الحظر عن شركات العملات المشفرة، إلَّا أنَّ الصناعة ما تزال صغيرة. يمكن للشركات ذات الصلة بالعملات المشفرة العمل في مصر إذا أمَّنت المستندات الملائمة ولم تنخرط في سلوك المضاربة. ومع ذلك، لم تتمكَّن أيُّ بورصة للعملات المشفرة من الحصول على ترخيص للعمل بنجاح في مصر، وليس من الواضح حالياً عددُ التراخيص التي سُلِّمت من "الشركات ذات الصلة بالعملات المشفرة".

ومع ذلك، لم تُفرض أيُّ لوائح ضريبية على حاملي العملات المشفرة المصريين.

مقالات ذات صلة: المغرب ومصر من بين الدول الأفريقية الأكثر اهتماماً بالعملات المشفرة: دراسة

الإمارات العربية المتحدة

أوضحت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها تتطلع إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للعملات المشفَّرة، حيث تبذل دبي وأبو ظبي جهوداً كبيرة لتحقيق هذه الرؤية. أنشأت شركاتٌ عالمية، مثل "بينانس" (Binance) و"أو كي إكس" (OKX) و"كريبتو دوت كوم" (Crypto.com) و"باي بت" (ByBit)، إلى جانب العديد من منصات العملات المشفرة، عملياتها في الدولة العربية بسبب إطارها التنظيمي القوي للعملات المشفرة.

في الوقت الحالي، لا توجد ضريبةُ دخل في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى هذا النحو، يتعيَّن على أيِّ فرد يمتلك أصولاً مشفَّرة أو يتداولها دفعُ ضرائب بنسبة صفر بالمئة على المكاسب أو الخسائر لأي سلطة في الإمارات.

لا يعترف البنك المركزي الإماراتي بالعملة المشفرة على أنَّها عملة، بل ينظر إليها على أنَّها أصل استثماري. ونظراً لعدم وجود ضريبة دخل في الدولة، لا تُفرض ضريبةُ أرباح رأس المال على المستثمرين في الإمارات.

المغرب

لم تُصدر دولة المغرب الواقعة في شمال إفريقيا بعد قانوناً أو إطاراً قانونياً للعملات المشفرة. لكنَّ تقارير عام 2022 زعمت أنَّ البنك المركزيَّ المغربيَّ سيقدم قريباً إطاراً تنظيمياً للعملات المشفَّرة من شأنه ترقيةُ قوانينِ غسل الأموال وتمويل الإرهاب الحالية في البلاد. ولكن في جوهرها، لم تخضع العملات المشفرة بعد للضريبة.

تركيا

لم تقدِّم تركيا بعد لائحةً تنظيمية للعملات المشفرة رسمياً. ومع ذلك، في نوفمبر 2022، أفاد نور الدين نبطي، وزير الخزانة والمالية التركي، بأنَّ تنظيم العملات المشفرة قد يصدر قريباً بعد أن تنتهي الوكالة الحكومية من التقييمات والتجميعات.

نظراً لأنَّ تنظيم العملات المشفرة لم يدخل حيِّزَ التنفيذ بعد، فلا توجد لوائح ضريبية حتى الآن للأفراد الذين يمتلكون أصولاً رقمية في تركيا. يجب أن تتبع عمليات التبادل والحفظ التي تتعامل بالعملات المشفرة فقط قانونَ الضرائب العادي للشركات، وهو معدَّل ضريبة الشركات بنسبة 20٪.

علاوة على ذلك، لا يوجد تنظيمٌ محدَّد لأنشطة الأصول الرقمية الأخرى، بما فيها التداول والتمويل اللامركزي (DeFi) والرهانات وزراعة العائد والتعدين والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، من بين أنشطة أخرى. يعني ذلك أنَّ إجراءَ هذه الأنشطة سيكون عليه ضريبة بنسبة صفر في المئة في الوقت الحالي في تركيا.

ولكن بمجرَّد وضع إطار تنظيمي، يعتقد الخبراء أنَّ القوانين الضريبية ستتبَع ذلك، حيثُ قد تفرض تركيا ضرائبَ على العملات المشفرة بوصفها أوراقاً مالية أو أموالاً أو سلعاً.

ما مقدار ضرائب العملات المشفرة التي يجب تقديمها وكيفية دفعها؟

إذا بدأت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المذكورة أعلاه في فرض قوانين ضريبية على العملات المشفرة، فيمكن للجمهور الاستعداد لمثل هذه اللوائح بالنظر إلى الولايات المتحدة كمثال.

تعرِّفُ دائرةُ الإيرادات الداخلية الأمريكية العملةَ المشفَّرة على أنَّها مُلكية وليست عملة. ولهذا السبب، فإنَّ شراء العملات المشفرة وبيعها في الولايات المتحدة خاضعٌ للضريبة.

تختلف معدلات ضريبة العملة المشفرة بناءً على مقدار مكاسب حامل العملة المشفرة ومدة الاحتفاظ بالأصل. عندما يُبلغ المستخدمون عن أرباحهم إلى دائرة الإيرادات الداخلية، سيُحتسب معدَّل ضريبة الدخل بالنسبة إلى الشريحة الضريبية الحالية. إذا كانت أرباحهم من العملات المشفَّرة مرتفعة، فقد يؤدي ذلك إلى دفع معدل الضريبة الخاص بهم للأرباح الأخرى غير المشفَّرة، حيث ستعدَّل أيضاً الشريحةُ الضريبية الخاصة بهم.

عندما يتعلَّق الأمر بمدفوعات ضرائب العملات المشفرة، فإنَّ الولايات المتحدة لديها العديد من المنصَّات التي يمكن لحاملي العملات المشفرة المقيمين في الولايات المتحدة استخدامها للإيداع والدفع. يمكن أيضاً الإبلاغ عن الضرائب وتقديمها مباشرة إلى دائرة الإيرادات الداخلية عبر النموذج 8949 والنموذج 1040 للإقرارات الضريبية.

عادةً ما يتشاور الأفراد ذوو الضرائب المعقدة مع المتخصصين بالضرائب، مثل المحاسبين القانونيين المعتمدين والوكلاء المسجلين ومحامي الضرائب.

هل خسائر العملة المشفرة معفاة من الضرائب؟

يمكن استخدام خسائر العملات المشفرة لتقليل ضرائب العملات المشفرة في الولايات المتحدة، مثلها مثل خسائر رأس المال الأخرى، فإنَّ الخسائر في العملات المشفرة معفاة من الضرائب. يسمح ذلك لحاملي العملات المشفرة باستخدام خسائرهم لتعويض ضرائب أرباح رأس المال بالإبلاغ عن هذه الخسائر في إقراراتهم الضريبية.

هل مكاسب العملة المشفَّرة خاضعة للضريبة؟

تقول دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية "نعم"، حيث تُعامل أرباح العملات المشفرة مثل الأرباح على الأصول الرأسمالية، وبالتالي فهي خاضعة للضريبة. تقع على عاتق حاملي العملات المشفرة مسؤوليةُ دفع الضرائب على مكاسبهم من العملات المشفَّرة، حتى عندما لا يتلقُّون أيَّ أموال نقدية من الأرباح.

هل ثمَّة حاجة للإبلاغ عن العملات المشفرة غير المباعة؟

شراء العملة المشفرة غير خاضع للضريبة، فوفقاً للقانون الأمريكي، لا يُطلب من المستخدمين الذين يحتفظون بأصولهم الإبلاغُ عن الضرائب ودفعها. بالرغم من ارتفاع قيمة العملات المشفرة، فإنَّ امتلاكَها لا يؤدي على الفور إلى تحقيق مكاسب أو خسائر، لذا فإنَّها لا تخضع للضريبة.

كما أنَّ نقلَ الأصول المشفَّرة بين المحافظ والبورصات غيرُ خاضع للضريبة، ولا توجد حاجة للإبلاغ عن ذلك. ومع ذلك، فإنَّ تلقِّي العملات المشفرة كدخلٍ خاضعٌ للضريبة.

من ناحية أخرى، فإنَّ تلقِّي العملات المشفرة كهدايا غيرُ خاضعٍ للضريبة لكلٍّ من المرسِل والمستلِم ما دامت قيمةُ الهدية في نطاق الحدِّ السنويِّ لاستبعاد ضريبة الهدايا الذي تنصحُ به الولايات المتحدة والبالغ 15000 دولار. علماً بأنَّ الأمرَ نفسَه ينطبق على وراثة العملات المشفرة.

على أيِّ حال، يَنصح الخبراءُ بالتشاورَ مع المتخصصين في الضرائب لتجنُّب أيِّ إزعاجٍ قد يسبِّبه عدمُ تقديم الإقرارات أو عدم الدفع.

Translated by Albayan Gherra
ترجمة البيان غره