من الواضح لنا أن عام 2022 قد شهد مستوىً عالٍ من الاهتمام في مجال العملات المشفرة، بناءً على عدد عمليات البحث عن الكلمات المفتاحية على الانترنت حول العملات المشفرة، الدفع باستخدام العملات المشفرة، البلوكتشين، الميتافيرس، الرموز الغير قابلة للاستبدال، والمصطلحات الأُخرى ذات الصلة. وكما كان من المتوقع، فقد كانت عمليات البحث هذه هي الأكثر شيوعاً في البلدان العربية، حيث كانت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بين قائمة البلدان التي تتلقى العملات المشفرة، وقد أصبحت المنطقة واحدة من أكثر المناطق التي شهدت نمواً في أنظمة ولوائح العملات المشفرة.

وفي حين أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُعتبر واحدة من أصغر أسواق العملات المشفرة، إلا أن نموها لما يقدر قيمته بـ 566$ مليار دولار من العملات المشفرة بين يوليو 2021 ويونيو 2022 يظهر التبني السريع لهذه التقنية، وفقاً لـ"Chainalysis".

الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة العاشرة لأعلى عدد من عمليات البحث عن "العملات المشفرة"

وفقاً لـ”Google Trends”، فقد كان هناك عمليات بحث كثيرة عن مصطلح "العملات المشفرة" ضمن البلاد في الفترة ما بين ديسبمر 2021 إلى ديسمبر 2022، وقد أدى هذا العدد المرتفع لعمليات البحث عن مصطلح "العملة المشفرة" في الإمارات العربية المتحدة إلى احتلالها المرتبة العاشرة، يليها المغرب في المرتبة 11، ثم لبنان في المرتبة 17 وتونس في المرتبة 38. وقد احتلت أيضاً العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مراتب عالية في عدد عمليات البحث بين 73 دولة.

ومما يستحق الذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد صعدت مرتبتين مقارنةً بنتائج بحث “Google trend” التي حصلت في نفس الفترة الزمنية من 2021. قبل ذلك، كانت الدولة في المرتبة 12 من بين الـ 63 دولة الأوائل، وقد حافظت دولة لبنان على مركزها، بينما خرجت المملكة العربية السعودية من القائمة في عام 2022 بعد أن احتلت المرتبة 45 في عام 2021.

وقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في الطليعة فيما يخص تنظيم وترخيص العملات المشفرة، ففي عام 2022، منحت الإمارات العربية المتحدة تراخيص لبعض أفضل منصات تداول العملات الرقمية مثل “Binance” و"Kraken" و"Crypto.com"، من بين منصات أخرى، كما رحبت بالمئات من شركات العملات المشفرة والبلوكتشين الأخرى.

وقد أدى تبني تقنية البلوكتشين المزدهرة والنظام البيئي للعملات المشفرة في البلاد إلى توظيف 7,000 شخص في 1.400 كيان يعمل حاليًا في الدولة ومتخصص بسوق العملات المشفرة والبلوكتشين، وفقاً للتقرير السنوي لشركة Crypto Oasis بعنوان “Crypto Ecosystem in the UAE”.

علاوةً على ذلك، لم يكن من المفاجئ استحقاق دولة لبنان لمرتبتها، حيثُ أنها تُعتبر ثالث أكبر مستلم للعملات المشفرة في عام 2022 وفقاً لتقرير "Chainalysis". وفي الوقت نفسه، كانت "بيتكوين" هي الكلمة المفتاحية الأكثر بحثًا عندما يتعلق الأمر بالعملات المشفرة في العالم العربي، متفوقة بذلك على "ايثيريوم". حيث استحوذت كلمة "بيتكوين" على 80 في المائة من عمليات البحث، مما جعل الإمارات تحتل المرتبة 22 والمغرب في المرتبة 50، من بين أكثر البلدان بحثا عن المصطلح.

وفي عام 2021، تصدرت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر قائمة أكثر الدول بحثاً عن مصطلح "بيتكوين"، وقد تكون عمليات البحث هذه مرتبطةً بكون البيتكوين هي العملة التي تحصد أكبر استثمارات في سوق العملات المشفرة، والأكثر تقلباً أيضاً في عام 2022. وقد بلغت القيمة السوقية للبيتكوين 323.1$ مليار دولار، تليها ايثيريوم بقيمة سوقية تقدر بـ148$ مليار دولار، وفقًا لتقديرات CoinMarketCap.

أما بالنسبة لعملة الايثيريوم، فقد تم البحث عنها بين الدول العربية غالباً في الإمارات العربية المتحدة ولبنان في عام 2022، بينما احتلت أيضاً دولاً عربية مثل المملكة العربية السعودية ومصر والمغرب مراتباً على نفس القائمة.

وتجدر الإشارة إلى أن دولتين عربيتين فقط كان لهما النصيب الأكبر من عمليات البحث عن أسعار العملات المشفرة في 2022، وهما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وتعتبر كلاً من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر أسواق لتداول العملات المشفرة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. وقد وجد تقرير" Geography of Cryptocurrency" الصادر عن Chainalysis أن المملكة العربية السعودية كانت واحدةً من أقوى الأسواق، حيث ارتفع حجم التداول بالعملات المشفرة بنسبة 195٪ على أساس سنوي.

إجمالاً، تستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 9.2% من تداول العملات المشفرة عالمياً، بعد أن كانت النسبة 7% في عام 2021.

حازت الإمارات العربية المتحدة على لقب الدولة العربية الوحيدة على قائمة أكثر عمليات بحث عن "الدفع باستخدام العملات المشفرة"

احتلت الإمارات المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث المناطق التي شهدت أرقاماً عالية لعمليات البحث عن مصطلح "الدفع باستخدام العملات المشفرة"، إلا أن نيجيريا فقط تفوقت عليها، وتضمنت القائمة التي اشتملت على 16 دولة سنغافورة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.

وقد أدى إنشاء هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA)، والانفتاح في الإمارات العربية المتحدة على الدفع باستخدام العملات المشفرة إلى إثارة فضول المجتمع، بالإضافة إلى أن الموقف الودي للدولة تجاه العملات المشفرة قد حث أفضل الكيانات العقارية ومنافذ بيع الأطعمة والمشروبات الفاخرة على قبول العملات المشفرة كوسيلة للدفع.

تسارع كبير في عمليات البحث عن العملات الرقمية للبنوك المركزية في نهاية عام 2022

شهد نوفمبر 2022 ارتفاعاً كبيراً لعمليات البحث على Google عن هذا المصطلح بسبب المحاولات المتزايدة للبلدان تبني العملات الرقمية للبنوك المركزية. أما فيما يتعلق بالدول التي شهدت أعلى نسبة لعمليات البحث، فقد احتلت الإمارات المرتبة 18 من بين أعلى 68 دولة، وكان للدول العربية الأُخرى نصيب من القائمة، فقد احتلت المغرب المرتبة 47 ومصر المرتبة 65، بينما كانت المرتبة 67 من نصيب المملكة العربية السعودية، وقد أتمت الإمارات العربية المتحدة تجربة تقنية "mBridge" المبنية على العملات المشفرة للبنوك المركزية ومن المتوقع أن تواصل الإمارات المضي قدماً في تنفيذه.

المغرب ولبنان تنضمان للبلدان الأُخرى كأكثر بلدان شهدت عمليات بحث عن "بلوكتشين"

على الرغم من الإنخفاض العام في عمليات البحث عن "بلوكتشين" هذا العام، إلا أن العديد من الدول العربية قد تصدرت القائمة التي اشتملت على 72 دولة، فقد جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثامنة، تليها تونس في المرتبة 15 ولبنان في المرتبة 17 والمغرب في المرتبة 21 ومصر في المرتبة 73، بينما احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 74. والجدير بالذكر أن دولة لبنان تبحث عن المصطلحات المتعلقة بالبلوكتشين وعالم العملات المشفرة بحثاً عن حلول لمشاكلها الاقتصادية والمالية.

يحتل لبنان المركز الثامن على قائمة البحث عن الرموز غير القابلة للاستبدال

على الرغم من الانخفاض في عمليات البحث عن الرموز غير القابلة للاستبدال في عام 2022 مقارنةً بعام 2021، إلا أن الرموز غبر القابلة للاستخدام لا تزال محط أنظار المقيمين في لبنان، فقد احتلت لبنان المركز الثامن، بينما تلاها العديد من البلدان العربية، حيث احتلت دولة المغرب المركز العاشر، والإمارات العربية المتحدة المركز 11، بينما حازت الجزائر على المرتبة 57.

وفي عام 2021، احتلت الإمارات العربية المتحدة المركز السابع بين أكثر 31 دولة شهدت عمليات بحث عن الرموز غير القابلة للاستبدال، بينما احتلت لبنان المركز الثاني في عام 2022، متفوقة بذلك على الإمارات التي حازت على المركز الرابع.

وقد شهد عام 2022 زيادة في طلب المقيمين في لبنان على الرموز غير القابلة للاستبدال، سعياُ منهم لتعويض انخفاض قيمة العملة اللبنانية، إضافةً إلى اهتمامهم المتزايد بعالم العملات المشفرة، وإنشاء العديد من أسواق الرموز غير القابلة للاستبدال في لبنان، مثل OasisX، مما حث الفنانين اللبنانيين على صنع المزيد من الرموز غير القابلة للاستبدال.

أكثر عمليات البحث عن منصات تداول العملات المشفرة

أما عندما يتعلق الأمر بمن قام بأكثر عدد من عمليات البحث حول "منصات تداول العملات المشفرة"، فقد حازت الإمارات العربية المتحدة على المركز الخامس، وتلاها لبنان في المركز 27 والمغرب في المركز 45 والسعودية في المركز 47 بين أول 65 دولة.

والجدير بالذكر أن منصة Binance قد تصدرت قائمة عمليات البحث في 95 منطقة. ففي العالم العربي، تم البحث عن منصة التداول أكثر عدد من المرات من قبل أشخاص في الإمارات العربية المتحدة حيث احتلت المرتبة التاسعة، يليها المغرب في المرتبة 15، ولبنان في المرتبة 16 وقطر في المرتبة 36 والكويت في المرتبة 45، بينما حاز الأردن على المرتبة 56.

فقد قامت منصة بينانس بتكثيف عملياتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2022. وخلال العام، حصلت أكبر منصة تداول من حيث حجم التداول على ترخيص “MVP” في الإمارات العربية المتحدة ورخصة تشغيل كاملة في البحرين.

أما بالنسبة لمنصات تداول العملات المشفرة المحلية، فقد تم البحث عن “CoinMENA” غالباً في إيران والبحرين وقطر وعمان. وفي الوقت ذاته، شهدت “CoinMENA” و“BitOasis”

عمليات بحث متساوية في عمان.

كما وقد تصدرت "BitOasis" أيضاً عمليات البحث في الأردن ولبنان والكويت وتركيا، وتجدر الإشارة إلى أن هناك 20 منطقة فقط شهدت عدد عالي من عمليات البحث حول هذه المصطلحات. كما تم البحث عن "BitOasis" في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أكثر من "CoinMENA". حيث أن "BitOasis" تتمتع بوجود قوي في الإمارات العربية المتحدة يعود إلى ما قبل أيام الترخيص. ووفقًا لعلا دودين، مؤسسة BitOasis، فإنهم يعملون حالياً مع المنظمين في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في جميع أنحاء المنطقة لتقديم لوائح العملات المشفرة الخاصة بهم.

الإمارات العربية المتحدة هي الدولة العربية الأكثر إهتماماً بالميتافيرس بناءً على عدد عمليات البحث

 عندما يتعلق الأمر بعمليات البحث عن مصطلح "ميتافيرس" عالمياً، فقد احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية بعد سنغافورة التي احتلت المركز السابع. أما في العام الماضي، فلم يكن هناك تقريباً عمليات بحث على جوجل حول الميتافيرس قبل أكتوبر 2021.

وفي عام 2022، قدمت دبي استراتيجيتها بخصوص الميتافيرس، والتي تهدف إلى تأمين 40 ألف وظيفة افتراضية وإضافة 4 مليارات دولار إلى اقتصاد الإمارات على مدى السنوات الخمس المقبلة.

لبنان يتصدر عمليات البحث عن تعدين العملات المشفرة

أصبح لبنان البلد العربي الأول من حيث عمليات البحث عن "تعدين العملات المشفرة" حيث احتل المركز الثالث، يليه الإمارات، البحرين، تونس، المغرب، المملكة العربية السعودية ومصر.

والجدير بالذكر أن لبنان كان لديه أكبر عدد من الأنشطة التي تخص تعدين العملات الرقمية، ويمكن أن يُعزى هذا الارتفاع إلى تحول السكان إلى تعدين العملات المشفرة كمصدر بديل للدخل بعد الانهيار الحاصل لليرة اللبنانية، كما جعلت تكاليف الكهرباء المنخفضة في لبنان من البلاد وجهة مثالية للمهتمين بتعدين العملات المشفرة.

أما بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، فهي أيضاً واحدة من الوجهات المثالية لمعدني العملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظراً لموقفها المُتقبل للعملات المشفرة، فضلاً عن المشاريع التي يتم إطلاقها في الدولة.

على الرغم من أن العملات الرقمية قد شهدت هبوطاً حاداً في عام 2022، إلا أن ذلك لم ينعكس على عمليات البحث في جوجل، وتحديداً في دول مجلس التعاون الخليجي، فقد أظهر سكان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي اهتمامًا كبيرًا بالعملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس والبلوكتشين، حيث تعكس عمليات البحث الاهتمام المتزايد بهذه التقنيات في المنطقة، ومن المتوقع أن يرتفع هذه الاهتمام المتزايد خلال عام 2023.