مع تطور مشهد الدفع الرقمي على مستوى العالم، أعلن البنك المركزي الكولومبي (Banrep) عن سعيه لاستكشاف الإمكانيات التي تنطوي عليها العملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي والنتائج المُترتبة على طرحها في السوق.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تكافح فيه الدول في جميع أنحاء العالم لخلق التوازن بين المعاملات النقدية التقليدية وحلول الدفع الرقمية.
وفقاً للتقرير الذي نشره مكتب الدراسات الاقتصادية في بنك كولومبيا المركزي، ستكون العملة الرقمية المُحتملة بمثابة عملة ورقية بهيئة رقمية، مُصممة خصيصاً لتبسيط المعاملات ولمساعدة التجار والمستهلكين على تسوية المدفوعات الفورية بفضل المجموعة الواسعة من خيارات الدفع التي توفرها.
كما أشار التقرير إلى مفترق الطرق الذي نشأ مع بداية السعي العالمي نحو رقمنة الاقتصادات، حيث اتجهت دول مثل السويد بالفعل نحو حلول الدفع الرقمية، بينما لا تزال دول أخرى، مثل اليابان وكولومبيا، تعتمد بشكلٍ أساسي على النقد، حيث يشهد نموذج التوزيع النقدي التقليدي في كولومبيا، والذي بُني على تعاون البنك المركزي مع البنوك التجارية، إصدار 92.7 ٪ من الأموال عبر البنوك وأجهزة الصراف الآلي.
إلا أن هذا النموذج المستقر قد يواجه بعض التحديات مع ظهور منصات الدفع الرقمية والحلول ذات الصلة، فإذا طغت الحلول الرقمية على النقد، قد تفقد أموال البنك المركزي دورها المحوري في الاقتصاد.
ووفقاً للتقرير، فإن ألنموذج المثالي للعملة الرقمية الصادرة عن البنك المركزي الكولومبي سيكونُ له بنيةً مُتدرجةً وسيشتمل على خواصٍ عدة، مثل وجود حدٍّ للحيازة والإنفاق، بالإضافة إلى المرونة والقدرة على مواجهة التحديات المختلفة.
الخواص التي يجب أن تتمتع بها العملة الرقمية المُحتملة . المصدر
وبالرغم من وجود الخواص المذكورة في العملة الرقمية المُحتملة، أشار التقرير إلى أن الآثار المُتوقعة لها على الاقتصاد الكلي ستكون "ضئيلة".
كما تطرق التقرير ايضاً إلى الدوافع التي تقف وراء طرح البلدان لعملتها الرقمية الصادرة عن البنك المركزي، وأشار إلى أن الدافع والتوقيت يختلف من بنكٍ إلى آخر على مستوى العالم.
فبالنسبة لبعض البلدان، مثل البهاما، يتعلق الأمر بمعالجة التحديات اللوجستية في الإمداد النقدي، بينما بالنسبة لبلدانٍ أُخرى، فإن الأسباب أقل وضوحاً.
فعلى سبيل المثال، "لا يزال النقد يهيمن على المشهد في كولومبيا، بالرغم من انتشار الحلول الرقمية، حيث أن حوالي 75 ٪ من معاملات البيع بالتجزئة يتم تسويتها نقداً."
وبالإضافة إلى ما سبق، أشار التقرير إلى أن إدخال عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي سيجلب معه تحدياتٍ مُحتملة. فعلى سبيل المثال، يُمكن أن يؤدي الارتفاع المفاجئ في عدد العملات المستقرة غير المنظمة إلى تعطيل السياسة النقدية، وقد يُشكل مخاطر على الاستقرار المالي.
لذلك، سيحتاج قرار البنك المركزي بإدخال عملة رقمية للبنك المركزي إلى النظرِ مطوّلاً في التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الكلي، خاصة فيما يتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية.
مقالات ذات صلة: بيلاروسيا تحذو حذو جارتها وتُعلن عن خططها لإطلاق عملتها الرقمية الصادرة عن البنك المركزي
اختُتم التقرير بالإشارةِ إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية قد لا تدعم الطرح الفوري لعملةٍ رقمية صادرةٍ عن البنك المركزي، إلا أن البنك المركزي قد أكد على عدم إلغاء فكرة طرح العملة الرقمية بالرغم من التحديات، فقد تدفع الشعبية المتزايدة للعملات الرقمية، سواء كانت منظمة أو غير منظمة، البنك إلى وضع استراتيجيةٍ جديدة.
ولهذا السبب، أكد التقرير على وجوب تطوير الجهات المعنية للمعايير التنظيمية بهدف ضمان مرونة النظام المالي، حتى ولو تأخر طرح البنك المركزي لعملته الرقمية.