تعمل الخطوط الجوية والمطارات على الأساليب القديمة لجمع المعلومات وتوزيعها، باستخدام العديد من أنظمة التشغيل المعزولة حيث يمكن أن يكون تبادل البيانات مستهلكًا للوقت وغير آمن - على الرغم من تسجيل زيادة بلغت ١٧٠ بالمئة في السنوات العشرين الماضية من الرحلات الخارجية بالولايات المتحدة.

وقد أدرك المنافسون الرئيسيون كيف تتوافق خصائص صناعة الطيران مع بلوكتشين، التي لديها القدرة على تبسيط تبادل البيانات بين مجمعات المعلومات في المطارات - ومع شركات السفر الإضافية على نطاق أوسع - لخلق تجربة سفر سلسة وآمنة.

حيث أطلقت لوفتهانزا إندستري سوليوشنز، وهي شركة تابعة لأكبر شركة طيران في أوروبا، مبادرة بلوكتشين للطيران (BC4A) في محاولة لتجميع التطبيقات المحتملة للتقنية وإنشاء معايير صناعية لاستخدامها. كما تعاونت شركة الخطوط الجوية النيوزيلندية ولوفتهانزا ويوروينغز والخطوط الجوية النمساوية وخطوط بروكسل الجوية مع شركة وايندينغ تري غير الربحية التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها، والتي تستخدم بلوكتشين لتشغيل شبكة توزيع السفر اللامركزية لجعل السفر أكثر فعالية من حيث التكلفة وأكثر ربحًا للعملاء ومقدمي الخدمات.

حيث تحمل شركات الطيران العالمية أكثر من ثلاثة مليارات مسافر سنويًا وتساهم بمبلغ ٦٦٤,٤ مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويجب أن تكون شركات الطيران مرنة - ولكن منهجية - للتنافس في صناعة الطيران، حيث تحدد كفاءة سلسلة عملياتها صافي أرباحها.

العقود الذكية لتحسين تجارب العملاء

المطارات هي عوالم مصغرة من تخزين البيانات. فمن لحظة وصول المسافر إلى المطار إلى وقت مغادرته، يجب جمع كمية هائلة من البيانات الآمنة ومشاركتها بين عمليات المطار الداخلية والخارجية. وتكمن أكبر عقبة أمام شركات الطيران في عمليات اتخاذ القرار عندما تتغير خطط السفر خلال فترة إشعار قصيرة.

قد تعمل كل مهمة داخل المطار باستخدام برامج مختلفة، لذلك غالبًا ما تكون عملية تسوية البيانات تستغرق وقتًا طويلًا وتكون مرهقة لكل من وكلاء الطيران والمسافرين. ويمكن للعقود الذكية تحسين تجربة العملاء وفعالية تكلفة الخدمة من خلال أتمتة المهام المستهلكة للوقت.

كما أن الحوادث الشائعة مثل التأخير في الرحلات الجوية والرحلات الجوية المكتظة تكون مكلفة لشركات الطيران عندما لا يتم تبادل البيانات بسرعة بين صناع القرار. وفي الوقت الحالي، هناك القليل من الترابط بين البيانات المختلطة والعديد من النظم المستخدمة في نقاط التفتيش المختلفة في المطارات.

وقد تناولت شركة سيتا SITA، المتخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الرائدة في المطارات في العالم، القضية البسيطة والشيقة المتعلقة بمعلومات تأخير الرحلة في المطارات. حيث استخدمت سيتا بروتوكول إيثريوم والعقود الذكية لإنشاء منصة بلوكتشين تعمل على التوفيق بين المعلومات المتضاربة حول تأخر الرحلات والعمل كـ "مصدر واحد للحقيقة لبيانات الرحلة".

وقد صمم مختبر سيتا شبكة بلوكتشين خاصة تعمل بالأذونات - باسم فلايتشين - لإجراء تجارب وتتبع أكثر من مليوني تغيير في الرحلات بين الخطوط الجوية البريطانية ومطار جنيف ومطار هيثرو ومطار ميامي. وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن العقود الذكية يمكن أن تكون فعالة في التوسط في البيانات المتعارضة وتوجيه معايير الصناعة، ولكنها تتطلب إدارة ومراقبة تشغيلية. لذا ابتداءً من الآن، أصبحت خدمات مشاركة البيانات المستندة إلى الحلول السحابية أسهل في التحكيم والإدارة.

حيث تستخدم شركة تأمين فرنسية، أكسا، عقودًا ذكية لأتمتة التعويضات للمسافرين الذين تأخرت رحلاتهم. فعندما يشترك أحد العملاء في نظام تغطية التأخير في الطيران، فيزي، يتم إنشاء عقد ذكي وتوصيله بقواعد بيانات الحركة الجوية العالمية. وإذا تم تسجيل تأخير أكثر من ساعتين في دفتر السجلات، يتم تحويل التعويض تلقائيًا إلى العميل، مما يلغي الحاجة إلى تقديم مطالبة أو نزاع بشأن أي تعارض مع المؤمِّن.

كما اشتركت أكبر شركة طيران محلية في روسيا، إس سفن، مع ألفا بنك لإطلاق منصة بلوكتشين لإصدار التذاكر. وتستخدم شبكة بلوكتشين الخاصة، التي تم إنشاؤها باستخدام بروتوكول إيثريوم، العقود الذكية لتبادل البيانات بين الأطراف المتعاقدة وستعمل على تقليل وقت التسوية بين شركة الطيران والوكلاء الذين يبيعون التذاكر من ١٤ يومًا إلى ٢٣ ثانية.

وفي بيانٍ صحفي من إس سفن، ذكرت شركة الطيران أن التكنولوجيا "تمنح الوكلاء القدرة على العمل مباشرة مع شركة الطيران دون تقديم ضمانات مالية إضافية، وتقلل من حجم تداول المستندات وتضمن سلامة العمليات".

كذلك قامت شركة برمجيات الطيران "فولانتيو"، ومقرها أتلانتا، بتجربة برنامج جديد لشركة "يونايتد إيرلاينز" بدلًا من كارثة الحجز المفرط التي أدت إلى إبعاد مسافر قسريًا من إحدى الرحلات. حيث تستخدم منصة "Flex-Schedule" الذكاء الاصطناعي لتحديد الركاب المرنين واستهدافهم بخيارات الرحلات لمساعدة شركات الطيران على تصحيح الأخطاء في عمليات الحجز الخاصة بهم.

كما تعوض الخدمة المؤتمتة بالكامل المسافرين وتعيد توزيعهم على رحلات جديدة، بينما تعظم الأرباح لشركات الطيران من خلال السماح لهم ببيع المقاعد المفتوحة لركاب "العائد المرتفع" في آخر لحظة. وتتعاون شركة فولانتيو أيضًا مع طيران الإمارات وخطوط ألاسكا الجوية وشركة الخطوط الجوية الإثيوبية وجيتستار وغيرها، وقد يثبت أن ابتكاراتها ضرورية في القضاء على المفاوضات في اللحظة الأخيرة عند البوابة، والتي تؤخر الرحلات الجوية وتكلف شركات الطيران بشكل كبير.

جني المال من نقاط الولاء المتكررة للطائرات باستخدام العملات الرقمية

تعتبر شركة خطوط دلتا الجوية هي أول شركة طيران عالمية كبرى تستبجل برنامج الولاء الخاص بالركاب، سكاي مايلز، بالعملة الرقمية. حيث ستكافئ شركة الطيران المسافرين الدائمين بتوكنات إيثريوم يطلق عليها اسم توكنات "سكاي ميراج"، والتي ستزيل خدمة "أمريكان إكسبريس" كوسيط، وستعزز أمن التبادل وتسمح للركاب برؤية نقاط ولاءهم على الفور.

وبالمثل، أعلنت الخطوط الجوية السنغافورية أنها ستطلق تطبيق ولاء الركاب القائم على بلوكتشين والذي سيسمح للعملاء برقمنة جوائز برنامج المسافر الدائم الخاصة بهم وإنفاقها لدى الشركاء التجاريين في سنغافورة.

الشفافية في تتبع الأمتعة

بالشراكة مع وايندينغ فري، تبحث شركة الخطوط الجوية النيوزيلندية في كيفية مساهمة بلوكتشين في تحسين تتبع الشحن والحقائب.

وفي حين لا يزال في مرحلة التطوير، فإن تطبيق بلوكتشين يمكن أن يسمح للمسافرين بتتبع الأمتعة الخاصة بهم من أجل توفير شفافية كاملة في جميع مراحل عملية النقل. علاوة على ذلك، يمكن نشر العقود الذكية لأتمتة مطالبات التأمين على الأمتعة المفقودة والتعويض الفوري للعملاء.

الكفاءة في صيانة الطائرات

يقوم قسم الهندسة والصيانة في شركة شركة الخطوط الجوية الفرنسية، والخطوط الملكية الهولندية بتجربة الاستخدامات المحتملة لبلوكتشين لتسجيل عمليات صيانة وخدمة الطائرات. وتكون الكثير من البيانات التي يتم جمعها بشكل روتيني عند صيانة الطائرات غير رقمية، مثل سجلات الخدمة ومكونات وأنظمة الطائرات. وقد اعترف متحدث باسم شركات الطيران بأن نظامًا رقميًا كاملًا لن يكون انتقالًا سهلًا، لكن بلوكتشين يمكنها أن تحسِّن بشكل كبير "عمليات الصيانة وتدفق العمل".

تجنب قوائم الانتظار في المطارات مع عمليات فحص جوازات السفر "دون بوابات"

إن سلامة وأمن المسافرين وعمليات الطيران فوق كل شيء آخر في صناعة الطيران، ولكن خلق تجربة مطار أكثر راحة للمسافرين هو هدف رئيسي آخر لشركات الطيران. حيث وقعت شركة تكنولوجيا مقرها المملكة المتحدة، وهي أوبجكتك، اتفاقية مع إدارة الهجرة والتأشيرات في دبي لاختبار برنامج الحدود "بدون بوابة" الذي يستخدم مؤشرات التحقق الحيوية وتكنولوجيا بلوكتشين لتخطي عملية فحص جواز السفر تمامًا. وسيستخدم البرنامج التجريبي تقنية التعرف على الوجه لتحديد المسافرين القادمين إلى دبي والتحقق من هوياتهم مقابل جوازات السفر الرقمية. وباستخدام بلوكتشين، يتم إنشاء جواز السفر الرقمي باعتباره "هوية ذات سيادة ذاتية"، مما يضمن للمالك سيطرة فريدة على بياناته الخاصة.

تعريف الهوية بدون أوراق لسفرٍ سهل

وبالمثل، تقوم سيتا لاب بتجربة بطاقات الهوية الرقمية الخاصة بها والمبنية على منصة بلوكتشين ويسمى تطبيق سيتا ديجيتال أيدنتيتي ترافلر. بالتعاون مع شوكارد ShoCard، تخطط سيتا لتحسين كيفية تعريف هوية المسافرين في نقاط مختلفة داخل المطارات من خلال إنشاء توكن جوال يخزن المعلومات الحيوية والشخصية. كما شرعت سيتا في مشاريع أخرى لتمكين الخدمة الذاتية للتحقق من التأشيرات ومراقبة الحدود عبر الهاتف الجوال.

السلامة في المطارات الصغيرة ومساءلة الطيارين الخاصين

ذكرت شركة بلوكتشين ناشئة تدعى أيرون Aeron أن ٥٧ في المئة من حوادث الطيران تحدث بسبب الخطأ البشري. وقد أنشأت آيرون تطبيقًا للجوّال مصممًا لتسجيل مؤهّلات الطيار والتحقق منها في محاولة للحد من الحوادث بسبب سوء الاحتفاظ بالسجلات. ويقوم التطبيق، الذي يعمل باستخدام بلوكتشين، بتخزين جميع بيانات الطيار الضرورية في شكل رقمي - وهي بيانات موجودة إلى حد كبير في سجلات الطيار الورقية التقليدية. وتقوم الشركة كذلك بتطوير قاعدة بيانات عالمية لتخزين معلومات الطائرات والطيارين ومدارس الطيران. وتركز مشاريع أيرون على الرحلات الخاصة ومحاسبة الطيارين من القطاع الخاص، كما أطلقت سوقًا عبر الإنترنت لحجز المواثيق الخاصة.

الحاجة لمزيدٍ من التطوير

إن قدرة بلوكتشين على التوفيق السريع بين البيانات المتضاربة والتحقق من اتساق المعلومات بين مختلف أصحاب المصلحة في المطارات هي ابتكار واعد لصناعة الطيران. فالطبيعة المتغيرة والشفافة لتكنولوجيا دفتر السجلات الموزع يمكن أن توفر مزيدًا من الأمان لعمليات الطيران، ولكن العديد من عمليات جمع البيانات لا تزال غير مترابطة ومعزولة عن بعضها البعض. حيث يمكن للعقود الذكية تحسين تجربة العملاء بشكل جذري واستبدال الخدمات المستهلكة للوقت وباهظة التكلفة، ولكنها تتطلب إدارة مركزية من قبل منظمة معتمدة، إلى جانب الكثير من الصيانة والإشراف.

حيث تمتلك بلوكتشين تطبيقًا في العديد من منافذ معلومات المطار، ولكن هناك حاجة لمزيد من التطوير من قبل قادة الصناعة لخلق استخدامات قابلة للتطبيق وفعالة من حيث التكلفة لهذه التقنية.