في عالمٍ يعجُّ بالتحدّيات البيئية والإنسانية، يبرز "سام سينغر" كأحد المُبتكرين الذين يسعون لإحداث تغييرٍ جذريّ في الطريقة التي نتعامل بها مع هذه القضايا.
وُلِد ونشأ "سينغر" في ظروفٍ صعبة بين مدينة "كارسن" ومدينة "رينو" في ولاية نيفادا، وعاش في بيئةٍ قاسية تنوعت بين أحياء الفقراء والملاجئ. ومع ذلك، لم تكن هذه التجارب القاسية سوى البداية التي شكلت رؤيته وهدفه الأسمى في الحياة.
"إنها التجارب التي مررت بها في طفولتي هي التي دفعتني إلى العمل الخيري. كنت أعيش في بيئة صعبة للغاية، ولكن كان هناك دائمًا أشخاص يظهرون لدعمنا، وهذا الدعم هو ما جعلني أؤمن بضرورة تقديم المساعدة للآخرين"، قال "سينغر" في مُقابلةٍ أجراها مؤخراً مع كوينتيليغراف عربي. ومن هذه القناعة الراسخة، وُلدت فكرة "Earthy"، باعتبارها منصّة تعتمد على تقنية البلوكتشين لحلّ القضايا الإنسانية والبيئية على نطاق عالمي.
أثناء حديثه عن البدايات التي قادته إلى إنشاء "Earthy"، أشار "سينغر" إلى حلمٍ غريبٍ راوده، حيث رأى عالماً يتبادل فيه الناس العطاء بشكلٍ يجعل الجميع يحقّقون أكثر مما يُمكنهم تحقيقه لو عملوا بمفردهم، وقال:
"أعتقد أن هذا الحلم وُلِد من رحلاتي خلال فترة جائحة كوفيد-19 إلى مناطقٍ نائية، حيث اكتشفت تجمّعاتٍ بشريّة تعيش بدون أموال وتدعم بعضها البعض كعائلة واحدة. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء منصّة تُمكّن الناس في جميع أنحاء العالم من دعم بعضهم البعض بالطريقة نفسها."
وأضاف سينغر: "إن الفكرة الأساسية التي بنيت عليها "Earthy" هي أنّنا نعيش في عالم يعاني من العديد من الأزمات، ولكن لدينا القدرة على تغيير هذا الوضع إذا تمكّنا من تسخير التكنولوجيا لتعزيز التعاون العالمي."
و عندما سُئل عن التحديات التي تواجه العمل الخيري التقليدي، أشار "سينغر" إلى أن هناك فجوة كبيرة بين التبرّعات والحاجة الفعلية على أرض الواقع. وقال سينغر: "هناك مؤسّساتٍ خيريّة كبيرة تُسيطر على المشهد، ولكنّها غالباً ما تكون غير فعاّلة في توصيل المساعدات إلى المحتاجين. ولهذا السبب، ابتكرنا "Earthy" كمنصّة تتيح للناس دعم المشاريع الخيريّة بطريقة شفافة، حيث يًمكن للمُتبرّعين تتبّع كل دولار يُنفق ومعرفة كيفية استخدامه."
كما تطرّق "سينغر" إلى أن "Earthy" لا تهدف فقط إلى تقديمِ حلولٍ مؤقّتة، بل تسعى إلى تمكين الناس في جميع أنحاء العالم من إيجاد حلولٍ مُستدامة للمشكلات التي تواجههم.
"نحن نُؤمن بأنّ كل شخصٍ لديه القدرة على إحداثِ تغييرٍ إيجابيّ في مجتمعه، وما نفعله هو تزويدهم بالأدوات التي يحتاجونها لتحقيق ذلك."
وعن رؤية "Earthy" للمستقبل، قال سينغر: "في غضون خمس سنوات، أرى "Earthy" وقد أصبحت منصّة يعتمد عليها الناس حول العالم لإحداث التغيير الذي طالما حلموا به، إذ سيكون لدينا نظام يسمح بتوزيع الموارد بفعالية وكفاءة، مما يقلّل بشكلِ كبير من المشكلات التي نعاني منها اليوم."
كما أوضح "سينغر" أن "Earthy" تستعد لإطلاق شبكتها التجريبيّة في غضون 60 يوماً. وستفتح هذه الخطوة الباب أمام المطوّرين لبناء تطبيقات على شبكة "Earthy"، كما ستسمح بإجراء تجارب للأمان واختبارات الكفاءة لضمان جاهزية المنصة للمرحلة العامة في أوائل عام 2025.
وفيما يتعلّق بالتحدّيات التي تواجه قطاع العمل الخيري في عالم البلوكتشين، قال سينغر: "مع الأسف، فإن بعض التقنيّات تضخّم التحّديات الموجودة بالفعل في القطاع الخيري. ولذلك، فقد تبنّينا في Earthy نظاماً يضمن الشفافية والمساءلة، مما يجعلها منصة موثوقة للتبرعات والعمل الخيري على مستوى عالمي." وأضاف: "نحن نعمل على توفير بيئة آمنة يمكن للناس من خلالها تقديم الدعم للمشاريع الخيرية دون الخوف من الفساد أو إساءة استخدام الأموال."
وفي الختام، أشار "سينغر" إلى أن "Earthy" قد حصلت على دعمٍ من شخصيّات مؤثّرة في مجالات التكنولوجيا والعمل الخيري، مما يعزز من قدرتها على تحقيق أهدافها. ومن بين هؤلاء الداعمين هنريك دوبراوسكي، مؤسس شركة "Zelle" للدفع الإلكتروني، والذي انضم إلى مجلس إدارة "Earthy" للعمل على تطوير الأنظمة المالية للمنصة.
وبهذا الطموح والإصرار، يسعى "سام سينغر" إلى تغيير العالم، ليس فقط من خلال الابتكار التكنولوجي، بل من خلال إلهام الآخرين للمساهمة في بناءِ مُستقبلٍ أكثر إنسانيّة واستدامة.