على الرغم من التطورات المستمرة في عالم العملات المشفرة اللامركزي ودخول التركيبة السكانية المختلفة إليه، إلا أن النظام البيئي الحالي يفتقر إلى الأدوات اللازمة لخدمة المجتمع الإسلامي بشكل أفضل، وفقًا لأحد الخبراء.

قال محمد الكاف الهاشمي، أحد مؤسسي العملة الإسلامية "Islamic Coin"، لـ كوينتيليغراف أن الجالية المسلمة، التي تمثل حوالي 1.9 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، "تعاني من نقص الخدمات في العالم اللامركزي".

وأضاف الهاشمي أن معظم شبكات البلوكتشين تفتقر إلى مبادئ الشريعة، موضحاً أن مشاريع العملات المشفرة التي تم تطويرها مع مراعاة الشريعة الإسلامية لا تزال تفشل في الحصول على اعتماد ونجاح جيدين بسبب وجود أنشطة غير مسموح بها، مثل المقامرة والمشاريع التي تفرض فوائد.

“لا يمكنك دعوة [المسلمين] لإجراء معاملاتهم داخل بيئة محددة إذا كان النظام البيئي المذكور يحتوي على العديد من المشاريع غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهذا ما دفعنا لتطوير بيئة نظيفة."

ومع ذلك، فإن وجود "بيئة نظيفة" لا يكفي لتحقيق التبني المنشود، خاصةً في البلدان الإسلامية، كما أوضح الهاشمي، حيث يوجد فجوة كبيرة في الوعي، وغالبية المسلمين لا يزالون بحاجة إلى التثقيف حول تكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة.

ووفقاً لتقديرات منصة العملات المشفرة Triple A، بشكلٍ عام، يتم استخدام العملات المشفرة من قبل 4.2٪ فقط من إجمالي سكان العالم، أي أكثر من 420 مليون نسمة. وفي الوقت نفسه، وفقاً لـ BrokerChooser، فإن الدول ذات الأغلبية المسلمة، مثل نيجيريا وباكستان وإندونيسيا، وصلت بالفعل إلى أفضل 10 مراتب بالنسبة لعدد مالكي العملات المشفرة.

وبالإضافة إلى نقص الوعي والتعليم، تعتبر الثقة أيضاً عاملاً رئيسياً في التبني، حيث يمكن لعمليات النصب والاحتيال التي ابتليت بها مساحة العملات المشفرة أن توسع الفجوة في عملية التبني الجماعي.

كما يعتقد الهاشمي أنه يُمكن للمزيد من التطبيقات اللامركزية (dapps) والعقود الذكية المصممة خصيصاً للمسلمين، أن تساعد في تسريع تبني العملات المشفرة داخل المجتمع، حيث قال:

"إنهم بحاجة إلى عملة مستقرة حلال، بالإضافة إلى بورصة حلال. أي إنهم بحاجة لأن يكون النظام البيئي بأكمله جاهزاً ".

إلا أنه أشار إلى أن بناء هذه الأدوات و"تبني المسلمين للتكنولوجيا الناشئة وانتقالهم إلى العالم اللامركزي سيستغرق وقتاً طويلاً".

نظرة الدول الإسلامية المختلفة تجاه العملات المشفرة

لا يزال مفهوم الأصول الرقمية الجديدة مُبهماً في العديد من الولايات الإسلامية التي تحكم الشريعة العديد من لوائحها التنظيمية.

ففي عام 2021، أعلن مجلس العلماء الإندونيسي، وهو الهيئة العليا للعلماء المسلمين في البلاد، أن جميع العملات المشفرة حرام، بسبب طبيعتها التي تشتمل على عمليات المضاربة العالية. وبالإضافة إلى ذلك، يعاني فضاء العملات المشفرة من عمليات الاحتيال والإفلاس المتكررة، مما يثير شكوكاً حول صلاحية العملات كأداة استثمارية.

كما أوضح سعيد الدرمكي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Sheesha للتمويل، أن المسلمين "يريدون القيام بالأشياء المقبولة بموجب الشريعة الإسلامية". إلا أن الدرمكي أشار إلى أنه ليس هناك أي فتوى أو حكم "واضح" بشأن العملات المشفرة بشكلٍ عام، حيث قال:

" أعتقد أن هذا سيحدث في وقتٍ لاحق، حيث أرى أن سوق العملات المشفرة ليس كبيراً بما يكفي ليحدث ذلك الآن".

ويعتقد الدرمكي أيضا أنه "من السابق لأوانه" الحكم على جواز العملات المشفرة والتمويل الإسلامي في قطاع العملات المشفرة.

وعلى الرغم من أن بعض الدول الإسلامية لا تزال تتصارع مع هذا الشكل الجديد من العملات، إلا أن العديد من الدول لديها مواقفاً أكثر ودية تجاه العملات هذه. وتعليقاً على نهج بعض الدول الإسلامية تجاه العملات المشفرة، قال الدرمكي أن عملية التبني مدفوعة بشكل أكبر باحتياجات الناس:

"أعتقد أن هذا يعتمد على وضع البلد وعلى إذا ما كانت العملات المشفرة تحقق مصلحة الأشخاص أم لا." وأضاف: يمكن استخدام لبنان كمثال، حيث أن النظام المصرفي قد فشل تماماً، وبالتالي قد يكون تبني العملات المشفرة قد يكون خياراً جيداً"

حيث أغلقت البنوك اللبنانية أبوابها العام الماضي بعد رفضها طلبات المودعين الذين أرادو الحصول على أموالهم المجمدة في الأنظمة المصرفية بسبب الانهيار المالي الذي حصل في البلاد، مما دفع بعض اللبنانيين إلى تعدين البيتكوين أو تخزين ثرواتهم باستخدام العملات المشفرة لتغطية نفقاتهم.

وفي تقرير صدر في تشرين الأول/أكتوبر، وجدت منصة بيانات البلوكتشين، Chainalysis، أن لبنان حصل على ثاني أعلى قيمة للعملات المشفرة خلال الفترة الممتدة ما بين عام 2021 إلى عام 2022.

كما رحبت بعض الدول في الخليج الفارسي، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بالعملات المشفرة لأنها تروج بطبيعتها للابتكارات.

وأضاف الدرمكي: "تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة حالةً خاصة، إذ تستضيف الدولة دائماً التقنيات الناشئة وتتبناها. فقد كانت حكومة الإمارات العربية المتحدة داعمةً لتكنولوجيا البلوكتشين بشكلٍ مستمر، وعلى درايةٍ بالتنظيم المُتعلق بمستخدمي الأصول المشفرة."

أما بالنسبة للبحرين، يرى الدرمكي أن المملكة تتبع نهجاً مشابهاً للدول المجاورة لها التي أصبحت بالفعل لاعباً رئيسياً في الصناعة المالية في المنطقة. وأوضح أن الاستفادة من الفرصة المتاحة لاستكشاف العملات المشفرة وتنظيمها على مستوى البنك المركزي، "جذب الاهتمام بالعملات المشفرة إلى البحرين".

وفي حين أن فضاء الكريبتو لم ينضج بعد ليحصل على التبني الجماعي المنشود داخل المجتمع المسلم، إلا أن الدرمكي لا يزال متفائلاً بهذا الخصوص، حيث صرح أنه بمجرد نمو قطاع الأصول الافتراضية بشكلٍ أكبر، "سينمو معه التمويل الرقمي الإسلامي ". وأضاف:

 "أعتقد أنه في المستقبل، سيكون هناك العديد من حالات استخدام التمويل الإسلامي، وسيصبح أكثر شعبية في صناعة العملات المشفرة".