التنصيف القادم للبيتكوين (BTC) يلوح في الأفق، ما يهدِّد بالضَّغط على المعدِّنين الأقل كفاءة، ولكن يعتقد اللاعبون في الشرق الأوسط أنَّ الابتكارَ التكنولوجيَّ والتحالفات الاستراتيجية أمران حاسمان للتنقُّل في هذا الحدث المباشر وتأمين الاستدامة على المدى الطويل في دورات التنصيف المستقبلية.

يركِّز المعدِّنون في الشرق الأوسط على الحصول على أحدث الأجهزة وتحسين البرمجيات وتأمين شراكات مواتية في مجال الطاقة. إذ تتوافق هذه الاستراتيجيات مع المزايا الفريدة للمنطقة، بما في ذلك الوصول إلى الطاقة منخفضة التكلفة والشهية المتزايدة للابتكار في مجال العملات المشفرة.

ومن جانبه، صرَّح آدم سويك، كبير مسؤولي النمو في ’ماراثون ديجيتال هولدينغز‘ (Marathon Digital Holdings)، أكبر شركة لتعدين العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية، لكوينتيليغراف العربية أنَّ الشركة من بين الشركات التي تعطي الأولوية للكفاءة وقابلية التوسُّع.

قال سويك: "نحاول إنجاز كثيرٍ من النمذجة، واستخدام كثير من البيانات حول الأجهزة المتاحة، ومدى كفاءة هذه الأجهزة، وفهم المواقع المتاحة ومقدار سعر الكهرباء الذي يدفعونه لمحاولة التنبؤ بما سيحدث عند التنصيف"، موضحاً أنَّ هذه التحرُّكات تسمح للشركة بأن تقرِّرَ ما إذا كان رفعُ حجم التشغيل أو خفضه هو النهج الأفضل.

ومع ذلك، كشف سويك عن منظورٍ أوسع يؤكِّد على أهمية الكفاءة التشغيلية خلال فترة التنصيف، حيث قال: "من ناحية، كل هذه النمذجة الدقيقة ليست مهمة إذا كان لديك مواقع التعدين الأكثر كفاءة"، مضيفاً:

"إذا كان لديك الأجهزة الأكثر كفاءة، والكهرباء الأرخص، والعمليات الأفضل، فأنت لا تهتم بأيِّ شيء آخر تقريباً لأنَّ الأشخاص الذين يضطرون حقاً للتوتر هم الأشخاص الذين هم على الهامش."

من حيث الاستثمار في الأجهزة الجديدة، فإنَّ تأمينَ الأجهزة الأفضل أداءً يتطلَّب نهجاً استراتيجياً، وفقاً لسويك؛ إذ أشار إلى أنَّ ماراثون تظلُّ على اتصال وثيق مع الشركات المصنِّعة الرائدة، وتقيِّم باستمرار ابتكاراتهم القادمة في الكفاءة والتصميم، مثل منصات التعدين التي تستخدم تقنيات التبريد بالهواء والتبريد بالغمر. وهذا يسمح لهم بمقارنة الخيارات والتخطيط الاستراتيجي لعمليات النشر عبر مواقعهم لضمان التكامل السلس عند الوصول.

دخلت ماراثون سوق الشرق الأوسط عبر مشروع مشترك مع ’زيرو تو‘ (Zero Two)، ذراع الأصول الرقمية لصندوق الثروة السيادية في أبو ظبي، المسجَّل تحت FSI Innovation (FSI)؛ بموجب الشراكة، سيبني الكيانان ويشغلان موقعين لتعدين الأصول الرقمية بإجمالي 250 ميغاوات في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة.

المزيد على كوينتيليغراف عربي: البيتكوين يجب أن تبقى فوق مستوى 80,000 دولار للحفاظ على ربحية التعدين بعد التنصيف

التركيز على الاستدامة

في الوقت نفسه، تؤكِّد شركة ’إكساهيرتز إنتيرناشيونال‘ (Exahertz International) العمانية على ابتكار البرمجيات والتعاون الشبكي وبناء نظام بيئي محلي قوي، حيث أوضح جاد خرما، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا الناشئة، لكوينتيليغراف العربية أنَّ الشركة تركز على جعل بنيتها التحتية الحالية وآلاتها تعمل بشكل أكثر ذكاءً، ما يسمح لها بالازدهار في بيئة ما بعد التنصيف والمساهمة في استدامة واستقرار شبكات الطاقة في السلطنة.

كما أوضح خرما أنَّ (Exahertz) تعمل على تطوير ترقياتٍ لتحسين أداء منصَّات التعدين القديمة، ما يضمن أن تظلَّ الأجهزة الأقل قوة قابلة للتطبيق بعد التنصيف.

في حين أنَّ تحسين الأجهزة الحالية هو استراتيجية رئيسة، فإنَّ (Exahertz) تتبنَّى نظرة أوسع للاستدامة. وفقاً لخرما، تطور الشركة تقنيةً تسمح لعملياتها بالاستجابة للتقلُّبات في الوقت الفعلي، ما يقلِّل من الضَّغط على شبكات الطاقة.

في أغسطس 2023، كُشف عن مركزٍ لاستضافة البيانات وتعدين العملات المشفَّرة بقيمة 350 مليون دولار في المنطقة الحرة بصلالة في سلطنة عمان؛ ستدير (Exahertz) المركزَ بالتعاون مع شركة البلوكتشين التي تتخذ من دبي مقراً لها، ’مونووك سيستيمز‘ (Moonwalk Systems).

الشرق الأوسط: نقطة ساخنة مزدهرة لتعدين العملات المشفرة

يبدو أنَّ نهج اللاعبين في الشرق الأوسط تجاه فترة تنصيف البيتكوين يجسِّد الروحَ المبتكرة التي تدفع صعود المنطقة كنقطة ساخنة لتعدين العملات المشفرة. وفقاً لبيانات مؤشر هاشريت، من المرجَّح أن تبلغ طاقة تعدين البيتكوين المجمعة في الإمارات نحو 400 ميغاوات — أو 4٪ من معدَّل التجزئة العالمي للبيتكوين — لتصبح مركز تعدين البيتكوين الأسرع نمواً في الشرق الأوسط.

تمتلك عمان أيضًا القدرة على أن تصبح أكبر مركز لتعدين البيتكوين في المنطقة، حيث ورد أنَّ مشروعي التعدين الضخمين في السلطنة، (Exahertz) و’المدينة الخضراء للبيانات‘ (Green Data City)،  يتوسَّعان إلى 800 ميغاوات و400 ميغاوات على التوالي.

معدَّل التجزئة الحالي والمتوقَّع والحصة السوقية لسلطنة عمان. المصدر: مؤشر هاشريت

قال خرما: "بصراحة، أعتقد أنَّ الشرق الأوسط سيكون مركز البيانات ومركز الطلب في العالم"، مشيراً إلى وفرة الطاقة المتجددة في المنطقة، وسوق العملات المشفرة الناضجة، والتركيز المتزايد على سيادة البيانات كمحفِّز لنموِّ صناعة التعدين.

فيما قال سويك: "يعاني الشرق الأوسط من عدم تطابق كبير في الطلب على توليد الطاقة بسبب الحرارة الشديدة خلال أيام الصيف الحارة تلك. وهكذا، يبدو مثالياً من الناحية النظرية أن يأتي تعدين البيتكوين ويساعد على التحسين."

إلى جانب ذلك، يؤكد سويك على لوائح التفكير المستقبلي في المنطقة والانفتاح على الابتكار، مشيراً إلى أنَّ هذه العوامل توفِّر الوضوح للاعبين في مجال العملات المشفرة وتعزز بيئة ترحيبية للتكنولوجيات الجديدة.

الفرص بعد التنصيف

يواجه المعدِّنون حقيقةَ انخفاض مكافآت الكتلة التي ستؤثر على الإيرادات بمجرَّد وصول حدث التنصيف، ولكن بالنسبة لسويك، ثمَّةَ وجهان لكل عملة، حيث يتوقَّع "فرص توحيد ضخمة"، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد التنصيف، حيث أضاف أنَّه:

"سيكون من المثير للاهتمام أن نراقب كثيراً من اللاعبين الكبار الآخرين هناك مع أجهزة غير فعالة إلى حدٍّ ما وشخصاً يواجه أسعار كهرباء مرتفعة. [...] لنعتبر أنَّ ذلك سيحصل خلال 90 يوماً بعد التنصيف، حيث أعتقد أنَّ هذا هو الوقت الذي سيبدأ فيه الواقع في الظهور للناس."

يعتقد أيضاً أنَّ هذا التغيير سيجبر الصناعة أيضاً على الابتكار، ما سيدفع المعدِّنين إلى ما هو أبعد من مجرَّد تشغيل منصات التعدين الجاهزة. بالإضافة إلى ذلك، يأمل سويك أن يؤدِّي التنصيف إلى زيادة التعرُّض للصناعة، وجذب أولئك الذين يبحثون عن حلول لتحديات الطاقة.

في الوقت نفسه، يؤكد خرما على الفرق الرئيس للتنصيف القادم: دخول العمالقة الماليين التقليديين، مثل ’بلاك روك‘ (BlackRock) و’جي بي مورغان‘ (JPMorgan)، إلى جانب الموافقة على صناديق المؤشرات المتداولة الفورية للبيتكوين. إذ تشير هذه التطورات، إلى جانب التنصيف، إلى فترة من استقرار السوق المتزايد؛ وهذا الاستقرار، كما يقترح خرما، يمكن أن يجذب مزيداً من التبني المؤسَّسي، ما قد يُشبع السوقَ ويعزِّز مكانةَ البيتكوين كعملة سائدة.

المزيد على كوينتيليغراف عربي: تنصيف البيتكوين سيغذي ’البيع المستعر للأصول المشفرة‘: آرثر هايز

Translated by Albayan Gherra
ترجمة البيا غره