ماذا لو لم يتراجع أحد وظل الجمود مستمرًا؟

إذا لم يتخذ أي طرف خطوة حاسمة، فهناك إمكانية للتوصل إلى حلٍ وسط.

وهناك طريقة ثالثة، وهي ليست مستحيلة وربما تكون الأكثر فائدة للشبكة. زيادة الحد الأقصى لحجم الكتلة وتنفيذ سيغويت لا يستبعد أحدهما الآخر بشكلٍ افتراضي، وهناك شعور متنامٍ في المجتمع بأن الحل الوسط بين الحلين قد يكون طريقة للمضي قدمًا.

وفي الواقع، تم التوصل إلى اتفاق للتوصل إلى تسوية، على الأقل مرة واحدة. فقد كان هناك اجتماع مائدة مستديرة عُقد في فبراير ٢٠١٦ في هونغ كونغ مع ممثلين عن بيتكوين كور، ومؤلفي سيغويت، والعديد من شركات التعدين الكبرى، ومعظمهم أرادوا زيادة حجم الكتلة. ويبدو أن كلا الجانبين توصل إلى اتفاق - للمضي قدمًا مع سيغويت، وتنفيذ زيادة متواضعة إلى الحد الأقصى لحجم الكتلة، ٢ميغابايت، في نفس الوقت.

وقد أظهرت الممارسة أن الإجماع بين الأطراف المتصارعة ممكن وهناك حل يمكن أن يرضي الجميع. ولا يزال هناك أمل بأن المواجهة السياسية ستفسح المجال للتعاون، وسنرى بيتكوين تنمو أقوى من أي وقت مضى.

هل سيتم حل هذه الأزمة قريبًا؟

أصبحت بيتكوين أقل قابلية للاستخدام كل يوم - فبالنسبة إلى نظام إيكولوجي قيمته أكثر من ١٧ مليار دولار، فإن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة. ويجب حله قريبًا بطريقة أو بأخرى.

كلا طرفي المواجهة بين سيغويت وبيتكوين أنليميتد لهما حجج تصف الحل الآخر كما لو أنه لا يمكن التوفيق بينه وبين القيم الأساسية لبيتكوين.

والصراع ليس فقط من الناحية التكنولوجية ولكن أيضا له أساس سياسي. حيث يدعي مؤيدي كلا الفئتين أن الطرف الآخر يحاول منع نمو بيتكوين أو السيطرة عليه. وهناك أيضًا نظريات حول ذلك تصر على أن الجانب الآخر يشن حربًا معلوماتية، ممولة سرًا بأموال كبيرة (بلوكستريم لسيغويت و روجر فير لبيتكوين أنتليمتد). زمن الطبيعي أن يعتقد كلا الطرفين أن قصته هي "الحقيقة".

وبالنظر إلى الأرقام، يبدو أن الوضع برمته قد وصل إلى حالة من الجمود. وسيتم اتخاذ القرار النهائي من قبل غالبية القائمين بالتعدين على شبكة بيتكوين.    ولكن يبدو أن سيغويت هو المفضل في السباق على الرغم من أن بيتكوين أنليميتد قد تمكن من تولي الصدارة عدة مرات في الماضي.

ما المشكلة في سيغويت؟

سيغويت ليس حلًا لا مركزيًا تمامًا أيضًا.

    فمن ناحية، يزيد من سعة الكتل إلى حوالي ٢ ميغابايت في المدى القصير، وما يصل إلى ٤ ميغابايت بشكل عام. واعتمادًا على السرعة المستقبلية لنمو الشبكة، فقد يكون ذلك كافيًا لعدة سنوات أو حتى عقود.

ومع ذلك، عاجلًا أم آجلًا، سيتم الوصول إلى الحد مرة أخرى، وسيتعين زيادة السعة. وتكمن القيمة طويلة المدى لسيغويت في إصلاح خطأ طواعية المعاملات. وهذا يجعل من الممكن زيادة معدل نقل الشبكة عن طريق تشغيل حلول السلاسل الجانبية مثل الشبكة المسرَّعة، وتُعد هذه مركزية.

يمكن وصف الشبكة المسرّعة تقريبًا على أنها نظام تسوية متبادل مبني على شبكة بلوكتشين. فأولًا، يتم إيداع بيتكوين لعدة مستخدمين في قناة دفع منفصلة عبر معاملة بيتكوين عادية، والتي تستغرق حوالي ١٠ دقائق للتأكيد، أو أكثر، اعتمادًا على ازدحام الشبكة. بعد ذلك، تتم جميع الدفعات داخل قناة الدفع هذه من خلال بلوكتشين وتتم معالجتها على الفور وبتكلفة زهيدة جدًا، أو مجانًا - بواسطة طرف ثالث موثوق به.

وفي اللحظة التي يتفق فيها جميع أعضاء قناة الدفع على التوزيع النهائي لبيتكوين، يمكنهم إرسال رصيد الشبكة مرة أخرى إلى بلوكتشين، وبالتالي السماح لشبكة بيتكوين بتأكيد صلاحية جميع المعاملات.

وتكمن المشكلة هنا في أنه بالنسبة للعديد من أعضاء مجتمع العملات الرقمية، لا يوجد فرق حقيقي بين "نظام التسوية المتبادلة الذي يحتفظ به طرف ثالث موثوق به" والبنوك، التي هي نقاط مركزية للسلطة كان من المفترض أن تكون بيتكوين قد عملت على إزالتها.

لماذا لم يتم تنفيذ "بيتكوين أنليميتد" حتى الآن؟

إنه يواجه معارضة كبيرة، والحجة الرئيسية هي أن "بيتكوين أنليميتد" سيجعل بيتكوين أكثر مركزية.

وبعض الناس يتوقعون إلغاء الحد الأقصى لحجم الكتلة الذي اقترحه "بيتكوين أنليميتد" ليؤدي إلى تضخم بلوكتشين غير خاضع للسيطرة. حيث يتجاوز حجم بلوكتشين بالكامل ١٠٠ غيغابايت وهذا مع ثلاثة إلى سبعة معاملات في كل ثانية. وبمقارنة ذلك مع الحد الأقصى المسموح به البالغ ٢٤ ألف معاملة في فيزا، تتضح المشكلة.

وقد تم حساب أنه إذا تم زيادة حد حجم الكتلة إلى النقطة الكافية لجمهور عالمي، يمكن أن تنمو بلوكتشين إلى عدة بيتابايت، إن لم يكن أكثر.

وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة مركزية بيتكوين؛ حيث لن تتمكن سوى الشركات الكبيرة من تحمّل مساحة التخزين، والقدرة الحاسوبية وعرض النطاق الترددي اللازم لمعالجة مثل هذه الكميات الضخمة من البيانات، مما يجنّب مشغلي العقد على المستوى الصغير خارج الشبكة. وهذا يتعارض مع فكرة بيتكوين ذاتها باعتبارها أموال يحكمها كل مستخدم من مستخدميها.

كيف يقترح "بيتكوين أنليميتد" و"سيغويت" رفع مستوى بيتكوين؟

يهدف "بيتكوين أنليميتد" إلى إزالة حد حجم الكتلة تمامًا، مما يسمح للقائمين بالتعدين بالتوصل إلى إجماع من تلقاء أنفسهم. في حين يوفر "سيغويت" زيادة معتدلة لحجم الكتلة حتى ٤ ميغابايت من خلال نقل بعض البيانات غير الهامة خارج الكتل.

"بيتكوين أنليمتد" هو تطورٌ مباشر للمحاولات غير الناجحة السابقة لحل مناقشة حجم الكتلة. وبالنظر إلى أن أفكار زيادة الحد، أو جعله قابل للتعديل بشكل تدريجي، قد فشلت في الحصول على دعمٍ كافٍ، يهدف برنامج "بيتكوين أنليميتد" إلى إلغاء هذا الحد تمامًا. وبدلًا من ذلك، يوفر حلًا يمكّن القائمين على التعدين من إنشاء كتل بأحجامٍ اعتباطية وبثها عبر الشبكة، لتنافس مع بعضها البعض للحصول على مكانٍ في شبكة بلوكتشين.

بينما يوفر سيغويت حلًا آخر. حيث تم إنشاؤه أصلًا لإصلاح مشكلة غير ذات صلة - طواعية المعاملات. ولإيضاح الأمر بشكلٍ مختصر، يتطلب التخلص من طواعية المعاملات نقل بعض البيانات غير الحرجة، المسماة "بيانات توقيع الشهود"، خارج المعاملات وخارج بلوكتشين.

ويسمح ذلك بزيادة أحجام الكتل لما يصل إلى ٤ ميغابايت، على الرغم من أن معظم الخبراء القريبين من عملية التطوير يقولون إن الشبكة ستستقر على الأرجح عند أحجام ٢ ميغابايت بعد إطلاق سيغويت.

هناك أيضًا طريقة أخرى يمكن من خلالها لترقية سيغويت زيادة سعة التعامل، وإن لم يكن ذلك بشكل مباشر. فإصلاح طواعية المعاملات يجعل شبكة بيتكوين آمنة بما فيه الكفاية لبناء حلول خارج بلوكتشين عليها، مثل الشبكة المسرّعة، على سبيل المثال. ويمكن لهذا أن يجعل معاملات بيتكوين أرخص بكثير وأسرع من أي وقت مضى.

هل هناك حلٌ لمشكلة توسيع النطاق؟

كانت هناك العديد من الطرق المقترحة لحلها.

فقد كانت مشكلة توسيع النطاق قيد التدقيق لفترة طويلة. ويمكن القول إن أول محاولتين جادتين لإصلاح المشكلة كانت ١٠٠ BIP  و١٠١ BIP، حيث تمثل BIP مقترح تحسين بيتكوين. وقد تم تقديمها في عام ٢٠١٥ من قبل مطوري بيتكوين الأساسيين "جيف غارزيك" و"غافين أندريسن" على التوالي.

وكان الهدف من كلاهما هو زيادة حد حجم الكتلة، وكلاهما كانا حلولًا تنطوي على الانقسام الكلي للعملة، مما يعني أنه إذا تم تنفيذها، فستصبح الإصدارات القديمة من برنامج بيتكوين غير متوافقة مع الشبكة الجديدة. وكان الفرق بينهما هو أن ١٠٠ BIP كان يدور حول جعل الحد الأقصى لحجم الكتلة قابلًا للتعديل بقرار من القائمين بالتعدين، في حين أن ١٠١ BIP كان يقدّم زيادة مباشرة مرة واحدة من ١ ميغابايت إلى ٨ ميغابايت.

وفيما يتعلق بالمقترح الذي ينبغي تنفيذه، كانت هناك مناقشات ساخنة في جميع أنحاء مجتمع بيتكوين في معظم عام ٢٠١٥. ومع ذلك، فقد أثبتت عدم جدواها. حيث لم تتحقق ١٠٠ BIP ولا ١٠١ BIP بأي طريقة ملحوظة في الشبكة اليوم.

ويبدو أن التاريخ يكرر نفسه واليوم هناك مرة أخرى حلان مختلفان يتنافسان على موافقة المجتمع: بيتكوين أنليميتد وسيغويت. وقد أصبحت مشكلة القدرات غير الكافية لبيتكوين الآن أكثر أهمية بكثير مما كانت عليه في عام ٢٠١٥، ومع ذلك، لا يوجد قائد واضح في المنافسة الساخنة والمسيسة للغاية بين الاقتراحين.

ما هي نتائج حد حجم الكتلة غير الكافي؟

الزيادة في متوسط ​​وقت المعاملات والرسوم. فبشكلٍ أساسي، تحولت بيتكوين تدريجيًا إلى خاصية تناظرية وظيفية من التحويلات البرقية.

وفي يوم عادي، لا تزال شبكة بيتكوين قادرة على العمل بشكل طبيعي. ومع ذلك، فقي بعض الأحيان يمكن أن تصل الأحمال إلى الذروة وهنا تصبح الأمور صعبة. حيث أبلغ العديد من المستخدمين عن أوقات الانتظار لعدة ساعات أو حتى أيام في معاملاتهم.

علاوةً على ذلك، تعتمد السرعة التي يرجح أن يقوم بها العاملون بتعدين بيتكوين بشكل مباشر على حجم رسوم المعدّنين، والتي يحددها المرسل لكل معاملة. ويعمل هذا على إنشاء سوق لرسوم المعاملات: فمن أجل أن تتم معالجة التحويلات بشكل أسرع، يجب على المستخدمين التنافس مع بعضهم البعض عن طريق عرض رسوم متزايدة.

ففي الأيام الأولى، تم قياس العمولات بكسور من المئة فقط. ولكن اليوم، إذا كنت ترغب في إرسال العملات بسرعة، فسوف تضطر إلى دفع رسم بقيمة عدة سنتات أو حتى دولارات.

وقد ازدادت مدة المعاملات وأحجام الرسوم تدريجيًا، حتى أصبحت بيتكوين تُشبه النظير الوظيفي للتحويلات المصرفية. ويعتبر هذا تهديدًا وجوديًا للعملة الرقمية: فإذا كان لدينا بديل أكثر شهرة وأوسع انتشارًا لبيتكوين، فلماذا سنستخدمها على الإطلاق؟

لماذا بيتكوين غير قادرة على استيعاب جميع المعاملات؟

تكمن المشكلة في معلمة محددة تسمى "حد حجم الكتلة". فالحد الحالي غير كافٍ لمواكبة أعداد المعاملات المتزايدة باستمرار.

أولًا، مقدمة سريعة وأساسية عن كيفية عمل بيتكوين لأولئك الذين لا يعرفون. يتم تسجيل جميع المعاملات التي حدثت على شبكة بيتكوين أو التي ستحدث على الإطلاق، في دفتر حسابات عام وغير قابل للتغيير يسمى "بلوكتشين".

وبالتالي من اسمها، فإن بلوكتشين هي سلسلة من الكتل. وكل كتلة، بدورها، عبارة عن مجموعة مغلقة بالتشفير من جميع المعاملات التي حدثت في الشبكة خلال الدقائق العشر الماضية. ويتم إضافة كل كتلة جديدة بشكل دائم إلى نهاية بلوكتشين بحيث يمكن لكل مستخدم دائمًا التحقق من أن كل معاملة محددة قد حدثت بالفعل.

وفي عام ٢٠١٠، قدّم ناكاموتو حدًا لحجم الكتلة يبلغ ١ ميغابايت، مما يعني أن الكتل التي يتجاوز حجمها ١ ميغابايت سوف يتم رفضها تلقائيًا من قبل الشبكة باعتبارها غير صالحة. وكان هذا إجراءً أمنيًا، تم تصميمه لمنع هجمات حجب الخدمة المحتملة من قِبل مخترقين ينشئون كتلًا كبيرة الحجم أو حتى غير محدودة ويبثونها عبر الشبكة من أجل شلها.

بيد أن هذا القرار كان له أثر سلبي طويل الأجل على قدرة المعاملات الخاصة بالشبكة.

فكل معاملة تتكون من بيانات مهمة: المرسل، المتلقي، كمية بيتكوين في النقل، إلخ. وهذه البيانات تأخذ بعض المساحة، وهي غير ذات أهمية تذكر عند الحديث عن معاملة واحدة. ولكنها تتجمع عندما يكون هناك المئات من المعاملات تجري كل دقيقة.

والحد الحالي للحجم البالغ ١ ميغابايت لكل كتلة يمكن أن يدعم بشكل واقعي من ٣ إلى ٧ معاملات بيتكوين في الثانية. المشكلة هنا هي أنه بالنسبة لشبكة بهذا الحجم الحالي فهذا ليس كافيًا بالفعل. ولا يزداد الأمر إلا سوءًا مع استمرار نمو قاعدة المستخدمين.

هل لدى بيتكوين مشكلة فيما يتعلق بتوسيع النطاق؟

نعم لديها مشكلة. وقد استمرت دون حل لفترةٍ طويلة وهي تزداد سوءًا مع مرور الوقت.

تعمل بيتكوين على البرنامج الذي أنشأه مبرمج أو مجموعة من المبرمجين يُعرف باسم "ساتوشي ناكاموتو" في ٢٠٠٧- ٢٠٠٩. وعلى الرغم من التحسينات العديدة التي قام بها المطورون المساهمون على مدار وجود بيتكوين، لا تزال قاعدة الشفرة تشبه إلى حدٍ بعيد ما كانت عليه قبل ثماني سنوات وما زالت هناك بعض القيود.

المشكلة هي أن المشهد الحالي للنظام الإيكولوجي لبيتكوين مختلف تمامًا عما اعتاد أن يكون عليه في بداية العملة الرقمية. حيث نما عدد الأشخاص المشاركين من بضع عشرات من المتحمسين لأكثر من ١٠ ملايين من المستخدمين العاديين.

ويرافق قاعدة المستخدمين المتنامية بشكل طبيعي عددٌ متزايد باستمرار من المعاملات اليومية، والتي يتم احتسابها الآن بمئات الآلاف. والواقع المؤسف هو أن شبكة بيتكوين، في حالتها الراهنة، غير قادرة على معالجة كل تلك المعاملات بسرعة كافية.