ما هي استخدامات العقود الذكية؟

تخيلوا أنكم تحاولون بيع منزلكم، إنها عملية معقدة وشاقة إلى حدٍ ما وتستلزم الكثير من الوقت والجهد، بالإضافة إلى كونها محفوفة بالمخاطر. ولهذا السبب، قررت الأغلبية المطلقة من بائعي المنازل العثور على وكيلٍ عقاري ليتكفل بجميع المهام المطلوبة.

يُمكن تشبيه الحالة السابقة بحالات استخدام العقود الذكية الأكثر انتشاراً، والتي بدأت تُحدث ثورةً في الصناعة بأكملها، بعد تيسيرها لسير العمليات وجعلها أقل عبثاً بكثير. وتكمن أهمية العقود الذكية، في قدرتها على علاج مشكلة الثقة، حيث تعمل العقود الذكية على مبدأ "إذا حصل ذلك – قم بذلك"، مما يعني أن ملكية المنزل ستُنقل إلى المشتري فقط عندما يتم إرسال المبلغ المتفق عليه إلى النظام.

تعمل العقود الذكية أيضاً كخدماتِ ضمانٍ للمستخدمين، حيث يتم تخزين المال وحق الملكية في النظام وتوزيعها على الأطراف المشاركة في نفس الوقت. وعلاوةً على ذلك، يتحقق المئات من الأشخاص من الصفقة قبل تنفيذها لضمان خلوها من الأخطاء. وبما أن الثقة بين الأطراف لم تعد مشكلة، فلم يعد هناك حاجة إلى وسيط، حيث أصبح بإمكان المستخدمين برمجة عقد ذكي ليقوم بجميع الوظائف التي يقوم بها الوكيل العقاري عادةً.

المثال السابق هو مجرد حالة استخدام واحدة من الاستخدامات العديدة المحتملة للعقود الذكية، فهي قادرة على تسهيل تبادل الأموال والممتلكات وأي شيء آخر ذو قيمة بطريقةٍ تضمن الشفافية الكاملة وتخلص المستخدمين من التكاليف الإضافية المصاحبة للوسطاء. وبالإضافة إلى ما سبق، تقضي العقود الذكية على مسألة الثقة بين الطرفين، حيث يتضمن الكود البرمجي للعقود جميع الشروط والأحكام المتفق عليها من قبل الأطراف، والتي يتم تسجيلها على شبكة البلوكتشين غير القابلة للتلاعب.

A judge and an Ether relaxing on a beach

كيف تعمل العقود الذكية

ببساطة، تعمل العقود الذكية إلى حدٍ كبير مثل آلات البيع التقليدية، حيث يضع الطرف الأول المبلغ المطلوب من العملة الرقمية في العقد الذكي، ثم يضع الطرف الآخر حق ملكية المنزل أو رخصة القيادة أو أي شيء آخر يرغب بتسليمه للطرف الأول.

مفهوم الترابط:

يمكن للعقد الذكي أن يعمل من تلقاء نفسه، كما يُمكن تطبيقه جنباً إلى جنب مع أي عددٍ من العقود الذكية الأخرى.

ويُمكن إعداد العقود الذكية وبرمجتها بطريقةٍ تجعل منها كأحجار الدومينو، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تنفيذ عقدٍ ذكي مُحدد بنجاح إلى بدء تشغيل عقدٍ آخر، وهكذا. نظرياً، يمكن للأنظمة والمؤسسات أن تبني عملها بالكامل على العقود الذكية. وإلى حدٍ ما، يتم تنفيذ ذلك بالفعل في أنظمة العملات الرقمية المختلفة، حيث يتم تحديد جميع القوانين مسبقاً، مما يسمح للشبكة بأن تعمل بشكلٍ مستقل.

مكونات العقود الذكية

بشكلٍ أساسي، هناك ثلاثة أجزاء أساسية متكاملة تنطوي عليها العقود الذكية، ويشار إليها باسم المكونات:

المكون الأول هو "المُوقّع"، ومن الممكن أن يشتمل كل عقدٍ ذكيٍّ على أكثر من موقع، ويُعرف الموقعون بأنهم الأطراف التي ترغب باستخدام العقد الذكي، والتي تضع شروط الاتفاقية الرقمية.

المكوِّن الثاني هو موضوع الاتفاق. يُمكن لموضوع الاتفاق أن يكون مجردَ مكوّن موجودٍ في بيئة العقد الذكي. لذلك، يجب أن يكون للعقود الذكية حق الوصول والتنفيذ المباشر دون وضع عوائقٍ أمام المكونات.

وأخيراً، يجب أن يتضمن أي عقد ذكيّ بنوداً محددةً، ويلزم كتابة هذه البنود بطريقةٍ رياضيةٍ بالكامل واستخدام لغة البرمجة المناسبة لبناء بيئة العقد الذكي الخاص.

البيئة

من أجل وجود العقود الذكية وعملها بشكلٍ صحيح، يجب أن تعمل العقود الذكية في بيئة مناسبة ومحددة. فأولاً وقبل كل شيء، تحتاج البيئة إلى دعم خصائص التشفير العامة، والتي تُمكّن المستخدمين من تسجيل الخروج من المعاملة باستخدام رموز التشفير الفريدة والمولدة خصيصاً لهذا الغرض. وهذا هو النظام الدقيق الذي تستخدمه الأغلبية المطلقة من العملات الرقمية الموجودة حالياً.

ثانياً، تتطلب البيئة قاعدةِ بياناتٍ مفتوحةٍ وغير مركزية ومؤتمتة، مما يُمكّن جميع أطراف العقد من الوثوق بها بالكامل. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تكون البيئة بأكملها لا مركزية لتنفيذ العقد الذكي بكفاءة.

تعتبر شبكات البلوكتشين، مثل بلوكتشين الإيثريوم، البيئات المثالية لتنفيذ العقود الذكية.

وأخيراً، يجب أن يكون مصدر البيانات الرقمية المستخدمة في العقد الذكي موثوقاً تماماً، ويستلزم ذلك استخدام شهادات أمان SSL الأساسية وبروتوكولات الاتصال الآمن التي يتم استخدامها على نطاق واسع حالياً، ويتم تنفيذها تلقائياً على معظم البرامج الحديثة.

ما هي ميزات العقود الذكية؟

الاستقلال - تُلغي العقود الذكية الحاجة إلى وجود وسيط (طرف ثالث)، مما يمنحكم سيطرةً كاملةً على الاتفاقية.

الثقة - لا يمكن لأحد سرقة أي من المستندات الخاصة بك، حيث يتم تشفيرها وتخزينها بأمان على دفتر حسابات آمن ومشترك. وعلاوةً على ذلك، لا يتعين عليك الوثوق بالأشخاص الذين تتعامل معهم أو تتوقع منهم أن يثقوا بك، لأن نظام العقود الذكية غير المتحيز يحل محل الثقة.

التوفير - لا حاجة إلى وجود كتّاب العدل أو وكلاء العقارات أو المستشارين أو المساعدين أو الوسطاء الآخرين، وذلك بفضل العقود الذكية. مما يوفر على المستخدمين الرسوم الباهظة التي يُمكن تجنبها.

السلامة - إذا تم تنفيذ العقود بشكلٍ صحيح، فمن الصعب للغاية اختراقها. علاوةً على ذلك، يتم حماية البيئات المثالية للعقود الذكية من خلال التشفير المعقد، المُصمم خصيصاً للحفاظ على أمان المستندات.

الكفاءة – بفضل العقود الذكية، ستوفرون الكثير من الوقت، والذي عادةً ما يتم إهداره في معالجة أكوام المستندات الورقية يدوياً، أو إرسالها ونقلها إلى أماكن محددة، إلخ.

اقرأ المزيد: كيف تعمل تقنية بلوكتشين

من الذي أنشأ العقود الذكية ومن يستخدمها

تم وصف العقود الذكية لأول مرة من قبل نيك سزابو، عالم الكمبيوتر وخبير التشفير، في عام ١٩٩٦. وعلى مدى عدة سنوات، أعاد سزابو صياغة المفهوم وأصدر العديد من المنشورات التي وضح من خلالها مفهوم ممارسة الأعمال بين الغرباء من خلال بروتوكولات التجارة الإلكترونية.

Nick Szabo and ethers

ومع ذلك، لم يتم استخدام العقود الذكية حتى عام ٢٠٠٩، عندما ظهرت أول عملة رقمية "البيتكوين" جنباً إلى جنب مع تكنولوجيا البلوكتشين، واللتان وفرتا في النهاية بيئة مناسبة للعقود الذكية. من المثير للاهتمام أن نيك سزابو صمم آلية لعملة رقمية لامركزية أطلق عليها "بيت غولد" في عام ١٩٩٨، إلا أنه لم يتم تنفيذها أبداً، على الرغم من ميزاتها التي تفاخرت بها البيتكوين بعد ١٠ سنوات.

في الوقت الحالي، ترتبط العقود الذكية بشكلٍ أساسي بالعملات الرقمية. ومن العدل أن نقول إن أحدهما لا يمكن أن يوجد بدون الآخر، والعكس صحيح، حيث أن بروتوكولات العملات الرقمية اللامركزية هي في الأساس نوع من أنواع العقود الذكية الآمنة والمشفرة بشكلٍ لامركزي، والتي ويتم استخدامها على نطاق واسع في معظم شبكات العملات الرقمية الحالية.

أمثلة على استخدام العقود الذكية

في حين أن المواقف التي اتخذتها الحكومات والهيئات التنظيمية المالية والمصارف في جميع أنحاء العالم من العملات الرقمية تتراوح بين الحذر الشديد والقبول الدقيق، فإن التكنولوجيا التي تقف وراءها - البلوكتشين والعقود الذكية - قد تم قبولها على نطاقٍ واسع باعتبارها ثورية، ويتم الاستفادة منها على جميع المستويات.

فعلى سبيل المثال، في الآونة الأخيرة، نجحت مؤسسة الإيداع والتخليص (DTCC)، بالإضافة إلى أربعة بنوكٍ رئيسية، بما في ذلك، بنك أوف أمريكا وميريل لينش وسيتي جروب وكريدي سويس وجي. بي مورغان - في مقايضة العجز عن طريق سداد الائتمان بمساعدة تكنولوجيا البلوكتشين التي طورتها شركة "أكسوني"، باستخدام العقود الذكية. وقد احتوى العقد الذكي على المعلومات المستخدمة مثل تفاصيل التجارة الفردية ومقاييس مخاطر النظراء، والتي قدمت مستوى جديدًا من الشفافية للشركاء والهيئات التنظيمية، وفقًا لبيانٍ صحفي.

إن هذه ليست هي المرة الوحيدة التي استفاد فيها قطاع التمويل المركزي من تكنولوجيا البلوكتشين، حيث قام اتحادٌ يضمُّ ٦١ بنكا يابانياً وكورياً جنوبياً باختبار شبكة البلوكتشين، والعقود الذكية المرتبطة بها، التي تستخدمها بورصة ريبل لتمكين تحويل الأموال عبر الحدود بين البلدين. وسيبدأ النظام الجديد في عام ٢٠١٨. وحتى "سبيربنك"، وهو بنك روسي تسيطر عليه الحكومة، في بلد اشتهر بمعاداته للعملات الرقمية، قام باختبار بلوكتشين لإيثريوم والعقود الذكية التي تمكِّنها.

ونظراً لأن العقود الذكية ارتبطت بالعملات الرقمية منذ نشأتها، لا يزال تنفيذها مُتركزاً في الغالب في عالم الخدمات المالية والمصرفية. ومع ذلك، يمكن للحكومات استخدام هذه التكنولوجيا الناشئة في جميع أنحاء العالم وفي العديد من المجالات، فعلى سبيل المثال، يُمكن لتكنولوجيا البلوكتشين أن تجعل نظام التصويت أكثر سهولة وشفافية. وعلاوةً على ذلك، يمكن للبلوكتشين تعزيز أمان سلاسل التوريد من خلال رصد البضائع وأتمتة جميع المهام والمدفوعات. كما يمكن أن يستفيد قطاع العقارات والرعاية الصحية، والضرائب، والتأمين، وغيرها من المجالات الأخرى من تنفيذ العقود الذكية والفوائد التي تقدمها.

Smart contracts as a bowling ball and corruption as pins

ما هي سلبيات العقود الذكية

تُعد العقود الذكية تكنولوجيا شابة للغاية، فبالرغم من الوعود الكثيرة التي تُطلقها الجهات الفاعلة، إلا أنها لا تزال عرضة للمشاكل. فعلى سبيل المثال، يجب أن يكون الكود البرمجي الذي يشكِّل أساس العقد مثالياً ولا يحتوي على أخطاء. وهذا يمكن أن يؤدي إلى أخطاء، وفي بعض الأحيان، يتم استغلال هذه الثغرات من قبل المحتالين.

وعلاوةً على ذلك، لا تزال حداثة التكنولوجيا تجلب الكثير من الأسئلة إلى الطاولة. فكيف ستقرر الحكومة تنظيم مثل هذه العقود؟ وكيف سيتم فرض ضرائب عليها؟ وماذا سيحدث إذا تعذر على العقد الوصول إلى موضوع الاتفاقية أو حدث أي شيءٍ غير متوقع؟ إذا حدث أيٍّ من هذا عند إبرام عقدٍ تقليدي، فمن الممكن إلغاؤه في المحكمة، لكن في حالة العقود الذكية، "الكود هو القانون" مما يُعقد الموضوع بشكلٍ كبير.

ومع ذلك، فإن معظم هذه المشاكل موجودة فقط بسبب حداثة العقود الذكية كتكنولوجيا. ومن المؤكد أن التكنولوجيا ستتطور مع مرور الوقت. ومما لا شك فيه أن العقود الذكية على وشك أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من مجتمعنا.